عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-12-2016, 01:39 PM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي غير متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,739
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي جلسات العلاج الجماعية

جلسات العلاج الجماعية:

تكلمنا فيما سبق بخصوص جلسات العلاج الفردية، وهي الأصل في عقد جلسات العلاج، لكن في بعض الحالات الاستثنائية، قد يضطر المعالج لعقد جلسات علاج جماعية، يشترك فيها عدة أفراد في إصابة واحدة، فيجمع بينهم داخل غرفة علاج واحدة، سواء بغرض الكشف والتشخيص، أم بغرض العلاج. فالعلاج الجماعي كاستثناء على الأصل لا غبار عليه، هذا إن دعت له الحاجة، أو لضرورة ملحة، مع تقديم سبب حتمي له وجاهته.

وهنا يجب أن نلفت الانتباه؛ إلى أن جلسات العلاج الفردية، هي في حقيقتها جلسة جماعية، هذا باعتبار أهمية حضور بعض الأفراد داخل مقر الجلسة، فلا يمكن أن نتجاهل وجود أهل المريض، أو محارم المرأة، أو المعالج نفسه بصفته عضو رئيس في الجلسة، أضف إلى ذلك مساعدوا المعالج. صحيح أن المريض الخاضع للعلاج يعد فردا واحدا، لكن في أثناء عقد الجلسة فإن المريض يؤثر ويتأثر بكل الحاضرين معه، بداية من المعالج نفسه، الذي يدفع بالدعاء في اتجاه الشياطين والأسحار على المريض، وانتهاءا بأقارب المريض وأهله، باعتبارهم ناقصي حصانة، مقارنة بمدى ارتفاع حصانة المريض المواظب على اتباع نظام علاجي وأوراد يومية، لكن هذا لا يمنع من اختراق جسده ما دام الجسد لا يزال مفتوحا، وقابلا لاستقبال أي مدد شيطاني، وإضافة أسحار مساعدة جديدة لم تكن فيه.

إن نقصان حصانة الحاضرين في الجلسة يعتبر سببا في اختراق جسد المريض، باعتبار أجسادهم ناقلا يحمل داخله الأسحار والشياطين لمقر الجلسة، وهذا مخل بأمن وأمان الجلسة، ويلزمه اتخاذ إجراءات كالعزل والتحصين. وعلى العكس من ذلك؛ فإن حضر الأطفال الجلسة، فلا مانع من انتقال الأسحار والشياطين من المريض إليهم، لذلك يمنع حضورهم، خاصة في حالة إن كانوا رضعا، أو غير مميزين. وإن حضرت إمرأة حائض؛ فمن السهل أن تخترق بعدوان من جسد المريض، لأن تحصينها ناقص بسبب الحيض، وعرضة للإصابة في أي وقت. أضف لهذا أنه لا مانع من أن يكون أحد الحاضرين مصاب بالمس، أو السحر، أو كلاهما، فلا يمكن للمعالج أن يعلم بإصابته، بل قد يجهل الشخص الحاضر أنه مصاب بالفعل، وهذا قد يؤثر على نجاح الجلسة، خاصة إن كانت الشياطين على جسده أقوى ممن على المريض، فيفسدون الجلسة وتأتي النتائج غير مرضية بالمره.

ولهذا يجب على المعالج تحديد عدد الحاضرين داخل الجلسة، وحصرهم في أقل عدد ممكن، لتقليل فرصة فشل الجلسة، فكلما زاد عدد الحاضرين كلما زادت فرصة اختراق الجلسة، وإخفاق العلاج، وليكن حازما في إصدار تعليماته قبل بداية الجلسة، خاصة وأن الفضول يدفع بالكثيرين للزج بأنفسهم داخل مقر الجلسة، للمشاهدة، ومتابعة ما يحدث، وفي أحيان كثيرة ما يتعمد بعضهم الحضور عسى أن يتأثر بالقراءة، بغرض أن يطمئن إن كان مصابا من عدمه، لكن هذه المحاولة ليست وسيلة صائبة للتشخيص، فما إن يبدأ المعالج في القراءة حتى نجد من يصرع من الحاضرين، فبدلا من أن يتفرغ لعلاج المريض، صار مضطرا للتعامل مع حالة أخرى، لم يكن مستعدا لها، فيهمل الحالة التي قدم لعلاجها، فإما أن ينهي الجلسة ويتفرغ لإسعاف الحالة العارضة، وإما أن يسحب الشخص لخارج مقر الجسلة ثم يستأنف علاج الحالة. فليس من البطولة أن يشتت المعالج جهده ويهدر وقته في التعامل مع أكثر من حالة في وقت واحد، بشرط أن لا تكون هناك صلة مرضية بين الطرفين.

فلا يمكن بحال إغفال أن وجود عدد من الأفراد داخل مقر الجلسة هو جزء من تكوينها؛ المريض أو المريضة، محرم المريضة، المعالج، مساعدوا المعالج، وقد يكونوا معالجين تحت التدريب، أو من يتطوع من أهله أو أصدقاءه لحضور الجلسة وتقديم يد العون، هذا في بعض الحالات إن لزم الأمر، ورأة المعالج أنه بحاجة لمعين له، خاصة في حالات الصرع، أو وجود مارد عنيف، فيحتاج المريض لتكتيف، رغم أنه من المفترض أن المعالج له قدرته ومهارته في التحكم في مثل هذه الحالات.

فالمريض يتعايش مع أفراد أسرته، يتأثرون بإصابته بسبب [الأسحار المنعكسة] من المريض عليهم، ويتأثر بهم بسبب ضعف تحصيناتهم، وما يتسرب منهم من أسحار وشياطين تأسرهم الخدام على جسد المريض، أو في حالة وجود [أسحار وراثية]. بينما المريض يتأثر بالمعالج سلبا أحيانا بسب أخطائه، وثغراته، وجهله في أحيان كثيرة جدا، وإيجابا بسبب رقيته، وما يقوم به من دور تطبيبي، وبمدى سعة علمته، وعمق تجربته.

في واقع الأمر هناك نشاط سحري مستمر لا يتوقف، وحركة تفاعلية بين الأسحار على جسد المريض، والأجساد المحيطة به، ليس في نطاق بيته فحسب، وإنما قد يشمل في كثير من الأحيان من يقابلهم في الشوارع والطرقات، وكل من يتعامل معهم خارج حدود بيته، كزملائه في العمل، أو كل من يتعامل معهم في الأسواق، والمتاجر، وغير ذلك من المتعامل معهم. لذلك يجب أن يخضع المريض لسلسلة من الإجرائات الأمنية لتأمينه من تأثير الأسحار المتسلطة عليه، وبمعنى أدق الحد من نشاط تلك الأسحار، لأن نشاطها سبب في تقويتها، وإكسابها صلاحيات تتعارض مع دور المعالج، والنظام العلاجي.

نلاحظ عند علاج جميع الحالات المرضية وجود صراع دائر ما بين المعالج والشياطين وسحرة الجن من جهة، وبين الجن المسلم والشياطين وسحرتهم من جهة أخرى، وهذا الصراع جزء منه يدور داخل جسم المريض، وجزء آخر منه يكون دائر خارج جسم المريض. ودور المعالج هنا متشعب؛ فهو من جهة يعالج المريض، ويتعامل مع الشياطين وسحرة الجن، سواءا من هم داخل الجسد أم خارجه، وكلمة خارجه هذا تتسع فقد تشمل نطاق غرفة العلاج، وقد تتعداها لأماكن خارج حدود البيت تماما، كل هذا مطلوب من المعالج مراعاته. لكن هناك جانب مهم جدا على المعالج أن يعيره قدرا كبيرا من الاهتمام والرعاية، وهو دور الجن المسلم، فهم شريك لنا في حياتنا، وصراعهم مع سحرة الجن جزء لا ينفصل عن صراع المريض مع مرضه، وأن للمعالج دور كبير جدا في نصرة هؤلاء الجن المسلم، أدرك دوهم أم لم يدركه، ولكن الكشوفات البصرية تؤكد على مشاركتهم في الجلسات العلاجية، فيراهم المريض يقاتلون الشياطين.

الحقيقة أن دور المعالج الشرعي الإنسي، لا يمكن أن ينفصل بحال عن دور المعالج من الجن المسلم، قد لا يكون هناك أي تواصل بينهما من أي نوع، لكن لا يمكن لدور أحدهما أن ينجح في غياب دور الآخر، صحيح أن كلا منهما يعمل في عالمه، لكن ما يقوم به كلا منهما يعتبر مكملا لما يقوم به الآخر في عالمه، فأدوارهم تكاملية. فلا يمكن للمعالج من الجن المسلم أن ينجح في علاج المس والسحر، وتخليص الأسرى من الجن المسلمين بدون دور المعالج الإنسي، ولا يمكن للمعالج الإنسي أن ينجح في علاج أي حالة مرضية بدون دور الجن المسلمين. فجلسة العلاج سواء فردية أو جماعية تحتاج لتأمين وتحصين، لحماية الإنس، ولحماية الجن المسلم.

على سبيل المثال؛ ما يقوم به المعالج من تحصينات قبل بدأ الجلسة، ما هي إلا خطة موضوعة بترتيب خاص لحماية عمار البيت من الجن المسلم، ومنحهم فرصة وحماية كافية لتأمين سلامتهم، فمنهم الأطفال الصغار، والنساء، والعجائز، والمرضى، والمصابين، كل هؤلاء لا قدرة لهم على قتال الشياطين، ولا حيلة لهم لخوض صراعات مريرة مع السحرة من الجن، بل هم أكثر عرضة للمخاطر، ويعتبرون ورقة ضغط على المقاتلين من الجن المسلم، هذا في حالة ما تم أسرهم، ومساومة الجن المسلم عليهم، وهذا مما يعطل مسيرة العلاج، ويؤخر الشفاء. ربما هذه المعلومات جديدة على مسامع الناس، لكنها بديهيات، لا تتعارض مع العقل الحصيف. فلا يصح أن يبدأ المعالج جلسته قبل القيام بعملية تأمين لنفسه أولا، وللمكان ثانيا، وللمريض ثالثا، وأن لا يفوته تأمين الجن المسلم. في بعض الحالات يرى المريض الجن المسلم يقاتلون، يحسبهم يدافعون عنه فحسب، والحقيقة أن لهم أسراهم، وهم من أسرهم السحرة من عمار البيت، حتى تتمكن الشياطين من الاستيلاء على الإنسي وإصابته بالسحر، هم بكل المقاييس ضحية لإصابته، فيتحملون معه قدره، فهم شركاء له حتى في قدره.

هذه الشراكة بين الجن والإنس يجب أن توضع في حسابات المعالج، مع التنبه إلى الفصل بين الشراكة الشيطانية، بين الكفرة والشياطين، والشراكة الرحمانية، والتي بين الإنس المسلم، والجن المسلم. وهذا الشراكة وإن ذكرها الله تعالى عن الشياطين خاصة، إلا أنها شراكة عامة بين عالم الجن والإنس، وهذا في قوله تبارك وتعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) [الإسراء: 64]. ففعل الأمر في قوله (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) يفيد التهديد، والوعيد، أي وشاركهم إن استطعت في الأموال والأولاد، وسوف ترى عاقبة فعلك الوخيمة. بمعنى أن الله عز وجل قدر له عوائق تمنعه من مشاركة المؤمنين من الإنس، كأن يستحل الطعام ما لم يذكر اسم الله عليه، فالتسمية تحرمه من الانتفاع بطعام الإنس، هذا فضلا عن الوعيد بعذاب شديد يوم القيامة.

يفهم من هذا أن تلك الشراكة الشيطانية تلحق الضرر بالإنسان، وإن لم يدرك علاقة الشيطان بهذا الضرر الواقع عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: (أما إنَّ أحدَكم إذا أتى أهلَه، وقال: بسمِ اللهِ، اللهمَّ جَنِّبْنا الشيطانَ، وجَنِّبِ الشيطانَ ما رزَقْتَنا، فرُزِقا ولَدًا لم يَضُرَّه الشيطانُ). وفي رواية أخرى جاءت ذكر إضرار الشيطان على التأبيد قال: (لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك، لم يضره شيطان أبدا). فقول الرجل (اللهمَّ جَنِّبْنا الشيطانَ) يفيد تسلط الشيطان على كل من الرجل وأهله حال وقع بينهما الجماع، فتفسد العلاقة بينهما، وقد يلحق الأذى بذريتهما من تلك الليلة إن قدر بينهما فيها ولد، لذلك فوله (وجَنِّبِ الشيطانَ ما رزَقْتَنا) عائد على عموم ما قدر لهما من رزق، وعلى الأخص تسلط الشيطان على الولد إن قدر لهما ذلك. فضلا عن أن يحرما لذة الجماع، واستمتاع كل منهما بالآخر، فتظهر العلل المتفشية بين الأزواج كالضعف والبرود الجنسي، وسرعة القذف، رغم السلامة العضوية، وكفاءة كلا الطرفين.

وهذا يفيد قدرة عموم الجن مؤمنهم وكافرهم على مشاركة عموم الإنس في الأموال والأولاد. إلا أن القدرة على الفعل، وهي إمكانية الفعل الكائنة في الجن، تختلف عن استطاعتهم فعل ذلك، هذا إن خلت الموانع، وأتيحت الأسباب لتفعيل القدرة. فالإنسان خلق مبصر قادر على الرؤية، لكن إن وجد مانع لتفعيل الرؤية، فإنه لن يستطيع رؤية ما وراء هذا المانع، فلا يستطيع الرؤية إلا إذا انتفت الموانع. فالجن عموما قادرون على مشاركة الإنس في الأموال والأولاد، لكن استطاعتهم فعل ذلك مرهونة بانتفاء الموانع، فإن ذكر المؤمن اسم الله تبارك وتعالى، لم يستطع الشيطان تحقيق المشاركة. لذلك كان السحر وسيلة الشيطان تعينه على تجاوز الموانع، وتحقيق كثيرا مما يعجز عنه، إلا أن السحر إن مكن الشيطان من إتيان فعل ما، إلا أنه لا يتجاوز قدر الله عز وجل، فالقدر مانع، لا يستطيع الشيطان تجاوزه رغم قدرته على فعل ذلك.

يؤكد عموم هذه الشراكة نصوص عديدة من السنة، ومن ذلك أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نهى عن الاستنجاءِ بالعَظْمِ وقال: (هو زادُ إخوانِكم من الجِنِّ). فهم شركاء لنا في الغذاء، وفي نص آخر سألتِ الجنُّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في آخرِ ليلةٍ لقيَهُم في بَعضِ شعبا مَكَّةَ، الزَّادَ. فقالَ: (كلُّ عظمٍ يَقعُ في أيديكم، قد ذُكِرَ اسمُ اللَّهِ عليهِ تَجِدونَهُ أوفرُ ما يَكونُ لحمًا، والبَعرُ علفًا لدوابِّكم) فقالوا: إنَّ بَني آدمَ ينجِّسونَهُ علَينا فعندَ ذلِكَ قالَ: (لا تستَنجوا برَوثِ دابَّةٍ ولا بعَظمٍ، إنَّهُ زادُ إخوانِكُم منَ الجنِّ).

وفي رواية أنَّ فِتًى مِنَ الأنصارِ كان حديثَ عَهْدٍ بعرسٍ فخرَجَ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزاةٍ فرجع من الطريقِ ينظرُ إلى أهلِهِ فإِذَا هو بامرأَتِهِ قائِمَةً في الحجرةِ فبوَّأَ إليْها الرمْحَ فقالَتْ ادْخُلْ فانظرْ ما في البيتِ فدخلَ فإذا هو بحيَّةٍ مُنْطَوِيَةٍ على فراشِهِ فانتَظَمَها برمْحِهِ ثم ركَزَ الرمْحَ في الدارِ فانْتَفَضَتْ الحيَّةُ وانْتَفَضَ الرجلُ فماتَتْ الحيَّةُ ومات الرجلُ فذُكِرَ ذلِكَ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (إنه نزل بالمدينةِ جِنُّ مسلمونَ أو قال بهذِهِ البيوتِ عوامرُ، فإذا رأيتم منها شيئًا فتَعَوَّذُوا منه، فإِنْ عاد فاقتُلُوهُ).

فكرة أن جلسات العلاج فردية هي فكرة نسبية بعض الشيء، هذا إن قسناها على أساس تداخل عمل الجن مع الإنس، وعمل المعالج مع مساعديه، وحضور ذوي المريض وأهله. فكل من يحضر الجلسة من الجن والإنس خاضعين لحسن تصرف المعالج، وعرضة للمخاطر إن هو أساء التصرف، أو افتقد تصرفه للحكمة. فإن لم تقنن جلسة العلاج، وتخضع لإجراءات غاية في الشدة والصرامة، تمكنت الشياطين من اختراق الجلسة، وتعرض الجن والإنس للمخاطر والويلات،. طبعا لتحصينات لا تدوم طويلا، ومقر الجلسة عرضة للاختراق في كل لحظة، وبمرور الوقت تتهاوى التحصينات، لكن نستطيع القول بأنها تحد من قدرات الشياطين على الاختراق، وتشتتهم، وتهدر من طاقتهم، حتى إن اخترقوا جلسة العلاج سيكونوا في حالة من الإجهاد والإعياء، وفي حالة ضعف بين، فيسهل على الجن المسلم التصدي لهم، والتمكن منهم قبل اختراق جسد المريض، أو العرض لضعفائهم من الجن المسلم.

صحيح أن المعالج يقوم بعلاج المريض على حدته، بدون شركاء له في العلاج، لكن في الحقيقة أن الجلسة الفردية بشكل أو آخر هي في حقيقتها جلسة جماعية، لأنها تحتوي على عدد من الحضور يتعامل معهم المعالج، سواءا بشكل مباشر كالمريض، أو بشكل غير مباشر مع الحاضرين للجلسة. فهو يتعامل مع نفسه أولا؛ فيهيئها، ويعدها لجلسة العلاج، بأن يتزود بالعلم، فيدرس الحالة جيدا، ويضع الخطة العلاجية المناسبة، وتقديم ما أمكن من العمل الصالح والصدقات، ويتعامل مع المريض، فيقوم بتهيئته عقائديا، ونفسيا، هذا بخلاف ما يقوم به من علاجات أثناء الجلسة العلاج، ويتعامل مع مقر الجلسة، باتخاذ إجرائات وقائية، وعمل تحصينات تأمينية، وذلك قبل الشروع في العمل، ويتعامل مع الحاضرين للجلسة من ذوي المريض، فيحصنهم، ويعزلهم عن بعضهم البعض، ويتعامل مع الشياطين وسحرة الجن، فيراوغهم بالدعاء، ويصغي إليهم، ويحاورهم، ويتعامل مع الجن المسلم فيوظف دعاءه لنصرتهم على سحرة الجن، فكل ما يحققونه من إنجازات داخل عالم الجن، ووما يصلون إليه من نتائج سيصب في النهاية لصالح المريض.

إذا كان المعالج يتحمل أعباء كل تلك المسؤوليات، ويواجه كل تلك الصراعات، سواء الدائر منها داخل جسم المريض، أم خارجه، فهذا يعني أنه يتحلى بقدرات خاصة، منها ما هو فطري فيه، ومنها ما يكتسبه أثناء تلقيه العلم على يد معلم أسبق له في الخبرة، وأكثر منه تجربة، وأوسع منه علما. إن كان هذا الجهد الشاق يتم أثناء علاج حالة واحدة، فإن الجهد سيكون مضاعفا كلما زاد عدد المرضى الحاضرين في جلسة العلاج، وهذه القدرات البشرية لها حدود قصوى، لابد وأن تنتهي عندها، فإن انتهت قدرته فحتما سوف يقصر ويتراخى في أداء دوره، خاصة إن قام بعلاج عدة حالات مجتمعة في جلسة علاجية واحدة. لذلك يقوم المعالج بتقسيم جهده أثناء الجلسة، وترتيب أولوياته، من خطة علاجية غاية في التنظيم والتعقيد، فيكون في حالة من التركيز الشديد جدا، ومن التنبه واليقظة، وما تكاد تنتهي الجلسة حتى يفيق المريض ويتنبه، بينما يصاب المعالج بالإرهاق والتعب، وربما تلتهب حنجرته جراء الدعاء التفاعلي مع كل موقف بلا توقف. فإن كان يكابد كل هذه المشاق من علاج حالة واحدة، فيقينا ستتقلص قدرته، ويتشتت جهد، ويفقد تركيزه إن قام بعلاج عدة مرضى في جلسة واحدة، وإلا سيضطر أن يركز جهد في علاج فرد واحد، في مقابل إهمال الآخرين، فلن يستفدوا من علاجه شيئا.

يمكن تقسيم جلسات العلاج الجماعية إلى جلسات نظامية فيما يمكن أن نطلق عليه مسمى (جلسات علاج مشتركة) تجمع بين عدد من الأفراد تربطهم بصلة مشتركة، وجلسات علاح غير نظامية، تتسم بالفوضوية، ويمكن أن نطلق عليها مسمى (جلسات علاج مختلطة) يجتمع فيها أفراد مختلفون، لا يوجد أي صلة تربط بينهم. فجلسات العلاج الجماعية العشوائية التي تجمع عدة مرضى مختلفين مع بعضهم البعض داخل قاعة واحدة، تعتبر بيئة مناسبة لتناقل الأسحار وتبادلها فيما بينهم، وفرصة كبيرة لإكساب العارض خبرات سحرية، ومكائد شيطانية غالبا ما كان يفتقدها، بل هي فرصة كبيرة تتيح للشياطين وسحرتهم تسلط بعضهم على بعض، فمن الممكن للخادم أن يكتسب أسحارا من مريض آخر، ومن الممكن أن يسلط أسحار أخرى عليه.

ناهيك عن أن هذه الجلسات الجماعية هي بيئة فوضوية، تحرم المريض من حقه في الخصوصية، خاصة إن كانت امرأة، خاصة وأنها تفوت على المريض فرصة الحوار مع المعالج، وذكر تفاصيل عن حالته، يقينا ستزيد المعالج علما وخبرة أكثر، هذا فضلا عن تفريغ شحنة المعاناة، والعزلة التي يشعر بها المريض نتيجة جهل المحيطين بحالته، فما إن يجد المعالج أهلا للثقة وعلى علم حتى يبوح له بأسراره وخصوصياته، والتي ربما لا يستطيع البوح بها لأقرب المقربين منه، فهناك فارق كبير بين أن سرد الخصوصيات لمن لا يملك لها تفسيرا، وربما لن يصدقها، وبين سردها على عالم متخصص، لديه إجابات وتفسيرات لها، على الأقل لديه القدرة على البحث عن إجابات وتفسيرات لها، فكل جلسة علاج تكسب المعالج علما وخبرات جديدة.



رد مع اقتباس