05-06-2025, 07:43 PM
|
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 248
معدل تقييم المستوى: 6
|
|
نجد في نصوص شرعية ذكر أعمال فنية عرفها العرب قديما، منها:
الوشم:
لَعَنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ، وآكِلَ الرِّبَا ومُوكِلَهُ، ونَهَى عن ثَمَنِ الكَلْبِ، وكَسْبِ البَغِيِّ، ولَعَنَ المُصَوِّرِينَ.[1]
الوشم في لسان العرب:
(.. الوَشْمُ في اليد وذلك أَن المرأَة كانت تَغْرِزُ ظهرَ كفِّها ومِعْصَمَها بإبْرةٍ أو بمِسلَّة حتى تُؤثر فيه، ثم تَحشوه بالكُحل أو النِّيل أَو بالنَّؤُور، والنَّؤُورُ دخانُ الشحم، فيَزْرَقُّ أَثره أو يَخْضَرُّ.)ا.هـ
والوشم عمل فني قد يتضمن أشكالا هندسية، أو كلمات، أو تصاوير، كان على قدر من الانتشار في المجتمع العربي القديم بدليل إتقان النساء له، فكانت المرأة تطلبه من امرأة أخرى، وفي ذلك دليل على أن المجتمع العربي ينبذ الاختلاط منذ القدم.
التصوير:
ونذكر أيضا نصّين تناولا مسألة التصوير، ويحتمل لفظ التصوير معنى النحت، وكذلك معنى الرسم بأنواعه، كالرسم على خامات الكتابة، أو النقش على الصخور، أو الطرز على الأقمشة كما سيأتي:
جاء في الأثر
عن سعيد بن أبي الحسن قال: إنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هذِه الصُّوَرَ، فأفْتِنِي فِيهَا، فَقالَ له: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا منه، ثُمَّ قالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا حتَّى وَضَعَ يَدَهُ علَى رَأْسِهِ، قالَ: أُنَبِّئُكَ بما سَمِعْتُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ، يَجْعَلُ له، بكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا، نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ. وقالَ: إنْ كُنْتَ لا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَما لا نَفْسَ له، فأقَرَّ به نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ.[2]
وصح عن عائشة أم المؤمنين:
أنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَامَ علَى البَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ في وجْهِهِ الكَرَاهيةَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتُوبُ إلى اللَّهِ وإلَى رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مَاذَا أذْنَبْتُ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما بَالُ هذِه النُّمْرُقَةِ؟ قُلتُ: اشْتَرَيْتُهَا لكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وتَوَسَّدَهَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أصْحَابَ هذِه الصُّوَرِ يَومَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فيُقَالُ لهمْ: أحْيُوا ما خَلَقْتُمْ، وقالَ: إنَّ البَيْتَ الَّذي فيه الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ المَلَائِكَةُ.[3]
إن انتشار مثل هذه الممارسات الفنية في المجتمع العربي القديم دليل إضافي ينفي عن العرب فرية التخلف التي أُلصقت بهم في كتب التاريخ، ويشهد لهم بالتحضر والتمدن، فها هي الأدلة النقلية تتضافر لتُثبت أنهم كانوا يكتبون ويقرؤون بل ويرسمون ينحتون، شأنهم شأن الحضارات المجاورة لهم كالروم والفرس والحبشة.
فمن غير المعقول وجود حضارات -متجاورة جغرافيا- على اتصال دائم من خلال البعثات التجارية، والدبلوماسية والسياسية، والدينية (وفود النصارى واليهود من وإلى الجزيرة)، ثم نجد بلادا في قمة التقدم الحضاري، تبتكر وتطور، والأخرى على النقيض تجهل حتى الكتابة والقراءة ! لأن التواصل بينهم يسمح لهم بتبادل العلوم والخبرات، خاصة في العواصم والمدن التجارية الكبرى، تماما كحال الدول اليوم، إذ يستطيع التاجر نقل منتوج أو مصنوع من آخر ما توصلت إليه بلاد ما (كالهواتف مثلا) إلى بلاده في غضون أيام إن لم نقل في نفس اليوم الذي تُعرض فيه السلعة الجديدة للبيع والعكس بالعكس.
ونجد في نص صحيح مثالا على انتقال الأخبار بين البلدان حيث وصفت الصحابيتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم حال كنيسة في الحبشة لما هاجر أول المسلمين الهجرة الأولى إلى الحبشة وذكرتا التصاوير التي فيها.
صح عن عائشة أم المؤمنين:
أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتا كَنِيسَةً رَأَيْنَها بالحَبَشَةِ فيها تَصاوِيرُ، فَذَكَرَتا للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنَّ أُولَئِكَ إذا كانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَماتَ، بَنَوْا علَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وصَوَّرُوا فيه تِيكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَومَ القِيامَةِ.[4]
هذا وسيأتي إن شاء الله ذكر المزيد من النصوص الصريحة الصحيحة التي تشهد على معرفة العرب -منذ القدم- بالكتابة والقراءة.
________________
[1] خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5347
[2] خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2110
[3] خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2105
[4] خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3873
|