بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
منتـدى آخـر الزمـان  

العودة   منتـدى آخـر الزمـان > منتدى الباحث الشرعي [بهاء الدين شلبي] > مناقشة الأبحاث والدراسات > الأبحاث والدراسات

الأبحاث والدراسات
جميع أبحاث ودراسات الباحث: بهاء الدين شلبي.(للاطلاع فقط والمناقشات في قسم مناقشة الأبحاث والدراسات).

               
 
  #1  
قديم 10-18-2014, 11:52 AM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,730
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي حصري: الزار من حلقات الاتصال بالجن والشياطين

الـــزار من حلقات الاتصال بالجن والشياطين

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

(يطلق على الزار أسماء تختلف باختلاف لهجات البلاد، فالزار مثلاً يعرف باسم (بورى) في نيجيريا وطرابلس، و(أموك) في الملايو، و(الزار) في مصر والحبشة والحجاز وعمان… إلخ، والاسم (زار) في بلاد الحبشة نفسها لا يرفع إلى أصل سامي، والراجح أن الكلمة مشتقة من اسم الإله الأعظم عند الكوشيين الوثنيين، ولقد غدا الإله الوثني القديم في الحبشة عفريتًا حقودًا (هكذا !!).. وانتقلت على هذا النحو الشعائر الخاصة بالأرواح الشريرة المزعومة، هذا ويعتقد المسلمون والمسيحيون في الحبشة أن الزار يعيش بصفة خاصة في الجداول والأنهار، وهو كائن شرير، كما يظنون، ومن الممكن طرده من الأجسام التي حل بها باستخدام التمائم والشعائر والطقوس الشافعة عند أتباع هذين الدينين.. إلخ). ( )

يعتبر الزار طقسًا تعبديًا، والمعبود فيها هو الجن المتلبس في جسد الممسوس أو المسحور، وذلك بالاستعاذة بهم، والتذلل لهم، بالسجود والركوع والذبح وبذل الطعام، والخمر، والمال، والعرض، في سبيل إرضاء الجن، حتى يكف عن ألاعيبه وصرعه للمصاب بالمس، وليته يكف عن ذلك، لكنه في نفس الوقت ليس علاجًا شافيًا من المس بقدر ما هو عامل مسكن للصرع حتى يتكرر الزار مرارًا وتكرارًا في سبيل إرضاء الجن والشياطين.

تسوق د. فاطمة المصري تعريفها فتقول: (لفظ الزار بما يعنيه من طقوس، لفظ أمهري معناه عند الأحباش شر ينزل بإنسان ما. ولا معنى لهذه الكلمة في اللغة العربية).( )
وتؤكد د.فاطمة المصري قائلة: (وبالاطلاع على كثير من الدراسات الأنثروبولوجية التي أجريت في الحبشة تقرر أن الزار أكثر انتشارًا بها مما هو في مصر في الوقت الحاضر بل إنه يوجد مركز رئيس للزار في الحبشة هو مدينة جوندار Gondar حيث يقيم كبار المعالجين على تلال تلك المدينة من حولهم بطاناتهم ومرضاهم المقربون، هؤلاء المعالجون هم أنفسهم ممن يتلبسون بالزار إلا أنهم وصلوا إلى مرحلة تجعل منهم معالجين).( )

فلا صلة بين منشأ الزار والإسلام كما يدعى بعضهم، وقد ألبس الأمر على كثير من الناس فحسبوا ما يزجه (الكوديات) من أذكار وبعض الآيات القرآنية والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا يدل على الصلة بين الزار والإسلام، ولكن منشأ الزار من الحبشة التي ينتشر فيها الوثنية والنصرانيه، كل ذلك يقطع الصلة بين الإسلام كدين سماوي وبين الزار الوثني من حيث النشأة، وما عليه الزار اليوم هو شكل متطور له نتج عن مزج الزار ببعض المظاهر الإسلامية، فيحسب الجاهل خطأ أن ثمة صلة بين الزار والإسلام البريء من تلك الصلة تمامًا.

(إن تحديد تاريخ دخول الزار في مصر بنحو ثلاثة أجيال هو أمر يدعم الرأي القائل أن ظاهرة الزار لم تنتشر في مصر إلا بعد الفتح السوداني أي بعد عام 1820م، فجيل الأجداد جاء بالظاهرة، ثم الأمهات قمن بتمصير الزار وتأسيسه، ثم الأحفاد الموجودون حاليًا، أي أن الفترة الممتدة من 1820 إلى 1990 هي الفترة التي استوعبت الأجيال الثلاثة هذا بالإضافة إلى ذلك الواقع الخاص بأن أصولهن من الحبشة والسودان، ثم الشواهد الأخرى من الأغاني والملابس والآلات الموسيقية).( )

إذا فالزار طقس وثنى دخيل على مصر فلم يكن معروفًا بشكله الحالي قبل أوائل القرن التاسع عشر، ويؤيد ذلك ما ذهب إليه د.محمد شفيق غربال من أن الزار (لم يدخل مصر إلا بعد فتح السودان أي بعد عام 1820م، وانتقل إلى مصر عن طريق الجنود الذين أحضرهم محمد على، ثم عن طريق الهجرات والرقيق).( )

وهذا يضيف إلى رصيد (محمد على) جريمة أخرى من الجرائم التي ارتكبها في عصره، فهو لم يكتف بمذبحة القلعة وقتل المسلمين بدون محاكمة، بل عمد إلى ذبح الدين والعقيدة بأن سمح لتلك الطقوس بأن تدخل مصر، وبدلا من أن يعمل على تصحيح عقيدة هؤلاء الوافدين تركهم يفسدون البقية الباقية من عقيدة المسلمين، وينشرون تلك الطقوس الوثنية بين المصريين حتى تفشت وصارت ظاهرة تنخر في عقول الأمة لا أستطيع أن أحصرها فقط بين العوام والسذج فقط بل بين الأوساط المثقفة والمتعلمة.

تقول سنوك في كتابها (مكة): ( ..إنه منذ وقت قصير أقيم حفل زار لإحدى الأميرات وهي ابنة الخديوي إسماعيل، وكانت سيدة عجوز مريضة، عالجها أطباء كثيرون، ولكن سيدات الحريم أقمن لها زار ظل قائمًا لمدة أسبوعين قبل وفاتها مباشرة، وقد حصلت على هذا التقرير من شاهد عيان تقول: في المساء حضرت ثلاث نساء وجواريهن، وأخلي الصالون من كل ما به من أثاث، وأجلست الأميرة المريضة في سريرها بالغرفة المجاورة متكئة على الوسائد، وأخذت الاستعدادات اليوم كله وأطلق البخور في كل غرفة من القصر، بينما منعوا الزوار من الخارج، وتجمع الخدم والجواري في الحريم ولم تحو الحجرة كرسيًا (كالمعتاد) بل موقدًا كبيرًا كان يحرق فيه البخور، وجلست الشيخات الثلاث في ملابسهن الحريرية الثقيلة ذات الألوان المختلفة، وقد اشترينها خصيصًا لهذه المناسبة بالذات، وعلى رؤوسهن طرابيش مغطاة بالذهب، فقد أخذن أكثر من مائة جنيه لهذه المناسبة. قمت النسوة الثلاث بالرقص بالتناوب نيابة عن المريضة، وأخذن يضربن طبولهن ويغنين بصوت غريب غير مفهوم، وبعد وقت قصير انحنت رئيستهن على النار وأخذت تتكلم بألفاظ غامضة في حين أن زميلتيها قربن سرير الأميرة من النار في وسط الحجرة ولمسن جسدها بخفة، وكذلك وجهها وذراعيها وظهرها، ثم أخذت الرئيسة تتكلم في صوت عميق مقلدة الرجال كزئير الأسد، وترجمت الكلمات العربية إلى التركية كي تفهمها الأميرة.

وكانت كما يلي: أنا زار، وقد تملكت الأميرة من 15 سنة، وأنا الآن أعلن نفسي، وسأترك الأميرة حتى تعود إليها صحتها. وانفردت سيدتان منهما معًا في الصالون المجاور تتحدثان سويًا لمدة وجيزة، ثم عادتا بعدها وصوتهم هادئ طبيعي كصوت النساء، مخالف لما كان عليه في البدء، ثم أعلن أن الروح قد خرجت وهنأن الأميرة ثم خلعن ملابسهن الحريرية وسقطن على الأبسطة في حالة عصبية تشنجية، بينما وقفت الحريم في خشوع، وقبل أن يغادرون القصر أخذت تتبرك بهن كل الجواري ضعيفات النية، فكانت النسوة تلمس جباههن وتدعو لهن بالخير والعافية.

لم يكن هناك ذبيحة أو كرسي في القصر، ولكن في المساء التالي خرجت من القصر إحدى صديقات الأميرة المقربات وجاريتها التي لم تخرج من الحريم منذ سنوات، ذهبتا ليحضرا الضحية في بيت الكودية أو إلى مكان آخر.

ولابد من أن نذكر أن الطبيب حينما حضر لعيادة المريضة في اليوم التالي وجدها أسوأ حالاً عن ذي قبل فسأل عن السبب ولكنه لم يتلق إجابة، وإحدى قريبات الأميرة المتعلمات بثقافة أوربية بكت كثيرًا أثناء هذه الاحتفالات، لأنها تألمت لحال الأميرة المسكينة التي لن يزيدها هذا البلاء إلا وبالاً، ولكنها ضعيفة الحيلة وسط جمع كبير).( )
(ولقد كان الشيخ (مهنى) أكبر وأشهر شيخ زار في القاهرة منذ ما يزيد على ثلاثين عاما في السيدة زينب، وكانت حضرته تغص بالمريدين بل وببعض نساء الطبقة الأرستقراطية من بقايا المجتمع الإقطاعي البائد).( )

الزار طقوس لعبادة الشيطان:
بدراستنا للتفاصيل الدقيقة للطقوس التعبدية التي تحدث في الزار، سنكتشف بما لا يدع مجالاً للشك تسرب تلك الطقوس إلى كثير من عاداتنا وتقاليدنا، بل وأحيانًا أخرى تتسرب تلك الأساليب إلى المعالجين، ومدى خطورة ذلك تكمن في أن الزار عند رواده يقوم على أسس ومعتقدات شركية تتعارض مع التوحيد، وتصرف عقائدهم إلى طاعة الجن والانصياع لأوامرهم وتحقيق رغباتهم كل ذلك يحدث اتقاء لشر الجن واستعاذة بهم خشية انتقامهم وغضبهم…! ولا نقصد مطلقًا من سرد تلك التفاصيل على هذا النحو من الدقة إشاعة الفاحشة، بقدر ما نقصد بيان التفاصيل التي من الواضح أن كثيرًا من المسلمين قد وقع فيها دون أن يدركوا تلك الصلة، هذا فضلاً عن المعالجين، ولا أرى أن ذلك قد حدث إلا نتيجة لشيوع الجهل بالمصدر الأصلي المرتبط بتلك العادات والتقاليد، وتبعا لضرورة الفصل بين الحق والباطل، (فمن لم يعرف الباطل وقع فيه)، لذلك وجب البيان والتوضيح لتجنبها عملا بقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام: 55].

(الزار عند جماعته، واجب جبري لا إختيارى، كما يترتب على عدم إقامته إغضاب الجان الذين قد يؤذون العروسة (فعلاً) إذا منعت أو أوقفت هذه العادة فتتعرض حياتها وكيانها للأذى. كما أن الزار عند هذه الجماعة له دلالة خلقية فهو وفاء بالوعد الذي قطعته العروسة على نفسها لإقامة الزار في موعد سنوي كما تنص نصوص العقد الشفوي الذي تم بينها وبين الجان في حضور الشيخة وحضور الضيوف كشهود).( )

(يختلف حفل الزار من مكان إلى مكان، فهناك زار يقام في الجبل لأسياد الجبل، وهناك زار يقام في البحر (النيل) لأسياد البحر، وهناك زار البيوت لأسياد البيوت، والفيصل في إقامة هذا الزار أو ذاك يتوقف على نوع الأسياد الذين سوف يقام لهم الزار. كما أن الزار يختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى، فالزار يؤثر بشكل ملحوظ في شكل الإعداد للزار من نواح عديدة).( )

وإذا أضفنا إلى ما سبق قوة الجني المتلبس ونوعه وطلباته الخاصة، والأسباب التي قد أدت إلى تلبس الجن بالجسد، سنجد أن شكل الزار سيصير أكثر اختلافا حسب شروط الجن المتلبس في الجسد.

يقام زار الحضرة أسبوعيًا في يوم معين (الجمعة أو الاثنين) في أحد بيوت شيخات الزار. و(الحضرة) من الحضور، حضور الأسياد والمريدين، وهي تعتبر صلة قائمة بين المريدين والزار.. ).( )

فالزار ما هو إلا أحد أنواع جلسات استحضار الجن والشياطين، وطقوسه تعتمد على الاستجابة لمشيئة الجن وتحقيق رغباتهم. وهو نموذج يتطابق وما يعرف بجلسات (تحضير الأرواح)، وإن كان الفارق هو أن جلسات استحضار الأرواح متخصصة أكثر في استحضار القرائن، أما الزار فهو أعم وأشمل من ذلك، فيشمل التعامل مع عمار البيوت والقرائن وجملة الجن والشياطين. وهناك فارق آخر أن الزار يتضمن طقوسًا تعبدية صريحة، من عزف وغناء ورقص وإطلاق البخور، أما استحضار القرائن فهو ذو شعائر شمولية علمانية وإلحادية أحيانًا أخرى.

مما يعتبر صورة من صور العبادة لمخلوق هو من أحقر خلق الله عز وجل وأهونهم عليه، وهو يتجاوب معهم إثباتا لوجوده، واستعراضًا لانتصاره المبهر على بني آدم، لذلك سنجد تنوعًا عجيبًا من الطقوس حسب كل نوع من الجن، وحسب كل ملة من ملل الجن، وحسب ميول كل نوع منهم، فنجد أن مواعيد الزارات تتفاوت مدتها من نوع إلى آخر، قد تصل من نصف يوم إلى أسبوعين متواصلين، يهدر فيها أوقات العبادة والصلاة، وتنفق الأموال ببذخ في عبادة غير الله المتفرد وحده بأحقية العبادة.

هناك زار يطلق عليه (دقة نهار) يبدأ في الصباح حوالي الساعة، العاشرة أو الحادية عشر ويستمر حتى المغرب، ويلجأ إليه البعض كتصبيره، على حد تعبير العامة، إلى حلول المعاد السنوي للزار.. وهناك زار يطلق عليه (دقة ليل) وهذا النوع يبدأ بعد العشاء إلى طلوع الفجر، يتكون الزار من ثلاث فرق هي، وفقا للترتيب في الزار، فرقة (الصعيدي) و(السوداني) و(أبو الغيط). وكان هناك فرقة رابعة تسمى فرقة (الرنجو) نسبة إلى آلة (الرنجو) إلا أن هذه الفرقة انقرضت ومات كل عازفي آلة الرنجو).( )

وتلك الفرقة تسمى بالجوقة وتتكون من عدد من العازفين والمنشدين وكل فرقة له دقات تشتهر بها وتعتبر حكرًا عليها لا يجوز لغيرها دقها ومن أشهر دقات الفرقة الصعيدي دقة الصباح، مامات، ماما سلطان، ماما العجبان، روحى نجدى، شيدر، البودنفة. وأما (فرقة السوداني) فأشهر دقاتها: يادره، روكشى، الدير، الست الكبيرة، السلطان جادو، سليلة. أما أشهر دقات فرقة (أبو الغيط) الصلوات، السيد البدوي، عبد السلام يالخالي، السيدة زينب. مما يثبت أن الزار له طقوس خاصة ذات صفة تعبدية وليس كما يذهب البعض إلى القول بأنهم دجالين أو نصابين، فهذا فهم سقيم لحقيقة تلك الفرق والطقوس، وحقيقتهم أنهم عباد للجن والشياطين متسترين بستار الإسلام ولا يجدون من يستأصل شأفتهم ويقطع دابرهم، حتى نوقف ذلك المد الشيطاني في مجتمعنا المسلم.

شيوخ الزار ممسوسين من الجن:
وأشهر أنواع الزار، أي المألوف والاعتيادي، هو الذي يطلق عليه (يوم بليلة) وهو يبدأ مساء بعد المغرب ويظل قائما لليوم التالي حتى قبيل المغرب، وهذا هو الزار السنوي الذي يقام في موعد محدد سنويا. وهو الزار الأساسي بالنسبة إلى الأنواع الأخرى. وهناك زار نادر الحدوث، ويقام لمدة أسبوعين متواصلين، وهو يقام فقط لتنصيب الشيخة كشيخة زار، وتحضره أكبر شيخات الزار ذوات السمعة، جميعًا، وذلك لمنحها حزام الزار [عبارة عن شال أبيض من الحرير، تحزم به الشيخة الجديدة بمعرفة الشيخات الأقدم اللواتي يمنحنها الحزام، والمعنى الرمزي للحزام أن هذه السيدة أخذت العهد ونصبت شيخة] بعد أن يتأكدن من أن الشيخة الجديدة على علم كامل بالزار. وهى هنا تقسم اليمين على أن تحفظ أسرار الزار على أن تعمل دائمًا في طريق الخير.( )
وهكذا نجد أن من تقود الزار امرأة جاهلة بالدين والتوحيد والعقيدة، إن لم يكن رصيدها من الإسلام صفر، وينصبها شيخة بعض النسوة اللاتي لسن أقل منها جهلاً، حتى تكون وسيلة ربط بين عالم الإنس والجن، وعن طريق مثل تلك الشيخة هي وأمثالها من المعالجين إخوان الجن والشياطين، نجد إن الجن يبثون من خلالهم طقوسهم التعبدية الشركية التي تؤدى بالناس إلى جهنم وبئس المصير.
وعندما بدأ يأفل نجم الزار تسربت فئة من العاملين فيه لتعمل متسترة تحت مسمى العلاج بالقرآن الكريم، هذا بعد أن بدأت الأمة الإسلامية تسترد شيئًا من وعيها وإدراكها، كاستجابة فعلية لجهود العلماء والدعاة المخلصين، وهكذا انتقلت بعض ممارسات الزار و تسربت على يد بعض العاطلين فيه إلى بعض المعالجين المبتدئين، هذا بسبب عدم وجود ممارسة مطابقة تماما للشريعة الإسلامية سليمة في ظل تغييب شبه كامل لشريعة الإسلام، واستبدالها بقوانين وضعية علمانية لم تعد تحظى بقبول واحترام الأمة، عدا فئة من السماسرة المغرضين، الذين يجيدون التلاعب بصياغتها لصالحهم الخاص .
(لا تستطيع أي إنسانة أن تعمل شيخة زار بناء على رغبتها، ورغم أن الوراثة هي الصفة الغالبة في هذا العمل، إلا أنه يجب أن يتوفر للشيخة مقومات لعملها، أهم هذه المقومات هي أن يكون قد وقع لها حادث مس أو اتصال، والاتصال هنا يكون عن طريق الجان الذي يعقد معها العهد، والذي يتضمن شروطًا لا يمكن خرقها أو تجاوزها. كإباحة السر، ويعتبر إباحة السر هو أخطر ضرر يمكن أن يقع للشيخة، فهي تعاقب على هذا بأشكال مختلفة كأن تجن، أو تصاب بشلل، أو بخراب أبدى في بيتها وحياتها . . . كما يجب أن تتقن كافة أنواع العلاجات سواء المادية كالأعشاب والعطارة عمومًا، أو العلاجات الروحية مثل إبطال العمل، وعمل الطلاسم والتعاويذ والأحجبة وحفظ مئات الرقى لكل مرحلة في عملها وفى كل مناسبة).( )
كيف نسمح لجماعة من الملبوسين والشيطانيين أن يعالجوا مرضانا؟ حيث نجد بين ذلك الفريق من العاملين في الزار ما يسمى بـ (الأوديا) (وهى شخصية مخنثة ملبوسة بالجن. وربما تكون كلمة أمهرية مهاجرة مع الزار، فهي قريبة صوتيا من كلمة كوديا وشخصية (الأوديا) قد تكون فتاة مسترجلة، أو فتى مخنثًا، ودور (الأوديا) في الزار هو دور الخدمة، فإذا كانت فتاة، تقوم بإعداد الشاي وحمل صينية البخور للشيخة في أثناء عملية التبخير، كما تعد الفحم وتقوم بإشعال النار فيه لتسخين العدة (آلات الإيقاع)، وتقوم بأي شيء يطلب منها في حفل الزار. وهى عادة ما تكون ممسوسة، لها جنها الذي تسترضيه وهى تنزل حلبة التفقير إذا سمعت دقتها، و(التعكير) إذا هاجمها الأسياد وتغيرت حالتها النفسية إلى الأسوأ أي (تعكرت). وتهتم الشيخة بالأوديا، فهى الذراع الأيمن لها، وكاتمة أسرارها، وتقيم في منزل الشيخة، فهي خادمة في المنزل، ومساعدة في شئون الزار).( )
وإذا تعرفنا على طقوسهم من وجهة نظر محايدة سيتضح لنا بجلاء فحوى تلك الأسرار التي يصرون على كتمانها ويخشون من التصريح بها، ومدى خطورتها على المجتمع المسلم، من الناحية العقائدية والاجتماعية والسياسية. فليس من المعقول مطلقًا أن بعض الجنود والرقيق المستضعفين، يستطيعون نشر تلك الطقوس بين مجتمع مسلم ويجتاحونه بتلك الصورة المجحفة، فهذا مالا يصدقه عقل إلا أن يكون ورائهم يد أعانتهم ومكنت لهم تسعى لنشر السحر وعبادة الشيطان، حيث لا يمكن كما تبين لنا أن يمارس أي شخص طقوس الزار إلا أن يكون ذو صفات خاصة وخبيرًا بأساليبه وطقوسه المختلفة.
والتَفْقيِر أو التَفْئيِر مصدره (فَأَّرَ)، وهو لفظ عامي درج على المصريين استخدامه، ويطلقونه على الحالة التي تنتاب الإنسان عند الدخول في النوم حيث تميل رأسه على صدره، ثم يتنبه فجأة فيرفع رأسه، وهو نفس الأسلوب المتبع في الزار، فعندما تبدأ المريضة في الرقص تكرر حركات هز الرأس عن عمد منها، وتكرراها بنفس الطريقة السابقة في أثر بعضها البعض، إلى أن يستحوذ عليها الجن ويحضر عليها.
طقوس الزار:
(وتقوم الشيخة باستدراج الضحية سواء أكانت ممسوسة أو مسحورة أو تشكى من أي متاعب في حياتها حيث تفعل معها الآتي: تأخذ منها الأطر (الأثر) أي قطعة من ملابسها، وعند ما تنام الشيخة طاهرة، وعلى وضوء، وبعد قراءة بعض الأدعية، تضع (الأطر) تحت رأسها لأن الأحلام هي أحد أشكال الاتصال بالجان أو الأسياد، ثم تعرف الشيخة مشكلة المريضة وسر شكواها، وهذا ما يعرف بكشف (الأطر). وبعد أن تعرف الشيخة المشكلة تذهب إلى المريضة، وقد تكون في اليوم التالي أو في خلال أيام (اتفق على ثلاثة أيام) وفقا لما تم مع الأسياد ثم تصارحها بأسباب حالتها وما يجب أن تفعله حسب تعليمات وأوامر الأسياد، حتى يكون لها الشفاء بإذن الله).( )
إذا فالشيخة لا تبعث بجواسيسها وبصاصيها لتكشف أسرار الناس، ولكنها تعرف تلك الأسرار عن طريق المنامات والأحلام حيث يخبرها شيطانها بأسباب المشكلة ثم يملي الشروط والمطالب، ليبدأ عداد التنازلات في العمل، وإذا كان المريض يتنازل مرة فالشيخة قد تنازلت قبله آلاف المرات، بل بأغلى و بأعز مما يتنازل عنه الممسوسين وأصحاب الحالات، وإلا ما حصلت الكوديا على ذلك المنصب المتميز عند الجن، وهذا هو أسلوب السحرة وإخوان الجن والشياطين، إذا فالجريمة أكبر من مجرد النصب والدجل، حيث يصل جرمها إلى درجة الكفر البواح.
وأهم جزء في الزار هو (الكرسي) والكرسي هو مائدة مستديرة عليها صينية مغطاة بوشاح ويوضع عليها الفول السوداني والفيشار والحمص والبلح والحنة كما يوضع طبق به مصاغ العروسة، ثم يشد القماش من حواف المائدة إلى أعلى على شكل فانوس، ويعرف هذا باسم غطاء الكرسي ثم يوضع على فوهة الغطاء (عروسه لعبة) أو خبز وزبادي حسب نوع الجن المقام له الزار… فالكرسي هو المكان الذي يلتف حوله الجن، أي هو مركز تجمع الجن، وهو من ناحية أخرى الشاهد بين الجن وبين جمهور الحضور على ما سوف يحدث من عقد وصلح في الزار، وجمهور الزار يعتقد أن الجن يزور الكرسي ويشاهد الحفل، وهو يعامل في الزار كأنه مقام للجن، ويقدم الكرسي بهذا، رموزًا طبيعية سحرية لا يمكن الاستغناء عنها في طقس الزار.( )
وإذا كان الكرسي هو مركز تجمع الجن، فالساجد أمام الكرسي لن يكون ساجدًا لله مطلقا، ولكن سجوده للشيطان من دون الله صاحب الحق في ذلك كله، ولتلك العروسة التي توضع على فوهة الغطاء، حيث أن هذا السجود المنكر يتم فعلا للجن في الزار.
وأشهر دقة عندهم دقة (الست الكبيرة) ولهذه الدقة احترام خاص، فيجب ألا يتكلم أحد أثنائها. . وتبدأ هذه الدقة، بسجود العروسة، أو أي سيدة في الزار عليها (الست) على ملاءة بيضاء. وتغطى بملاءة سوداء. ثم يقوم أحد الفرقة السوداني بتلاوة:
(ذهب الشيطان.. حضر الرحمن بحق النبي عليه الصلاة والسلام.. توكلت على رب العالمين.. الفاتحة للنبي، أحباب النبي.. أزواج النبي.. ذرية النبي.. وكل من آمن بالنبي.. الهيكل الصمداني.. القنديل النوراني.. صاحب الإشارات والمعاني.. سيدي وأستاذي محيى الدين عبد القادر الكيلاني.. فاطمة النبوية.. عيشة التونسية.. رابعة العدوية.. سكرة صاحبة الشورة والمشورة.. سيدي عقبه فكاك العقدة.. المتولي يشيل حملتك ويولى.. بحق النبي.. أهل السماح.. كانوا ملاح.. يا بخت من قدر وعفا وكان له أجر عند الله.. هنا منذوه.. جبال منذوه.. ياريما.. كوليتا.. براكو.. سنجمى.. عوكشى .. حكيم باشا.. ياوره.. كاوره.. سركن دياه.. ديبا.. البنداري.. السلطان.. الدير.. الحبشي.. بنات المراغي.. بنات المكانجا.. جبلاوية.. حداوية.. كل (أحدا) باسمه.. جبة.. ومن جبى الجبة.. جبل عرفات.. جبل مناداة.. المدينة المنورة.. بيت الله السعيد.. الخضر والياس والمرسى (أبو العباس).. الأباصيري.. ياقوت العرش.. أبو دردار .. أبو حديد.. ساكن الصعيد.. لجل النبي.. الشفى.. والعفى.. بحق نبينا المصطفى.. يا أسيادي بلا أيادي بحق النبي الهادي.. اللي علينا عملناه واللي على الله ما يعتوله هم.. دستور على دستور.. أرضنا خضرها النبي.. صبحت تشلع نور.. دستور خلفا.. دستور نقبا.. دستور دراويش.. دستور يا أمة لا إله إلا الله.. محمد رسول الله.. ختما الفواتح بالنارين.. سيدنا الحسن وسيدنا الحسين.. والعاشق جمال النبي يصلى عليه.. بخور البرهان يرد الألوان.. ويرجع الشفا إلى مكانه بحق النبي عليه أفضل الصلاة والسلام). ويؤدى هذا النص مع حركة المبخرة على رأس وكتفي العروسة وهى راكعة قبل السجود.( )
إذًا هناك ركوع و سجود فعلي للجن، والاستغاثة ببعض الجن، وبمشايخ الصوفية، وكل ذلك يحدث والمرأة راكعة ساجدة في حضور الرجال من [الفرقة السوداني] الذين ينظرون إلى أردافها و مفاتنها، والحياء يمنع أن نذكر ما قد يصل إليه الحد في ظل فقدان الممسوسة لوعيها و أحيانا لكامل إرادتها، خاصة إذا كانت المرأة تريد الإنجاب و ترغب في الذرية، حيث يمارس الزار غالبا في غياب محارم المرأة !!.
وجدير بالملاحظة ورود كلمات ذات طابع إسلامي، مثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أسماء الله الحسنى وبعض الأسماء الإسلامية، مما يوحي للجاهل بحقيقتهم أن الزار من الإسلام أو على الأقل أنه لا تعارض بين الزار والدين الإسلامي، حيث أن ممارسته شائعة بين الصوفية.
ثم يبدأ بعد ذلك المغنى وعازف الطنبورة بغناء دور الست الكبيرة الذي يقول بعض مقاطعة: (ياهو يا لالي.. أول مابدينا.. ع النبي وصلينا.. حبوبه قومي صلى والصلاة خير من النوم).( )
لاحظ تكرار كلمة (ياهو) المستخدمة في الطرق الصوفية وعند الشيعة وعند اليهود لينضم الزار إلى تلك الحلقة السوداء من الوثنية وعبادة الشيطان، مهما تنوعت الأشكال فالشيطان يلعب دوره من الخلف وفي الخفاء دائمًا.
ومن أشهر أغاني الزار، دقة (ياوره بيه). وهذا الجن زير نساء الزار.. هذا الجن متلبس نساء كثيرات، يندر بل من المستحيل أن نجد زار بدون وجوده( ).. أشهر جن في الزار ويطلق عليه في الزار ملك العشاق). ( )
الزار واسترضاء الجن:
إن الزار في حقيقته محاولة من قبل الإنس لاسترضاء الجن، وفى نفس ذات الوقت هو فرصة عظيمة لاستماع الجن بفرض سيطرتهم وبسط هيمنتهم على الإنس، بل وإعلانا لانتصارهم عليهم، ويتضح لنا هذا من تتبعنا لأنواع الجن المختلفة في الزار وتنوع تعبيراتهم المختلفة عن زهوهم بالنصر. ففي حالة حضور الجن على الجسد، يبدأ الجن في استخدام الجسد كوسيلة [لتقبيل النساء الحاضرات ولمسهن في أماكن مختلفة]، مما يجعله مظهرًا شاذًا وصورة من صور السحاق، وتتنوع صور الشذوذ، لدرجة أن (تقفز العروسة وهى ممسكة بالصليب فقط في يدها في أثناء دقة الدير، أو بالاستعانة فقط بطربوش أحمر بدون شغل القصب عليه في دور دقة (ياوره) وهكذا). ( ).. (جادو)، وهو الذي يسكن الحمامات، فعندما يكون متلبسًا للعروسة، نجدها في أثناء (التفقير) في وضع السجود تدق بيدها اليمنى على الأرض ثم اليسرى بالتتابع، ثم تقوم بكنس المكان.. والجنة (روكشى) التي لا يتعدى عمرها في المعتقد الشعبي ست سنوات، تكون حركاتها في (التفقير) رقصا شرقيا أي هز بطن.. وهناك دقة (سليلة) وهى حركة تتمايل فيها العروسة يمينا وشمالاً وهى تنظر في أثناء وضع المكياج على وجهها، وهذه الدقة تدق للفتيات المفتونات بذاتهن.. وفى دقة الدير أو الخواجة النصراني يكون الجن قسًا، وتكون حركته في الزار من خلال مسكه صليبًا في يده يضعه في مواجهة وجوه المدعوين وهو يرتدى ملابس القساوسة.. ودقة العربي، (تفقر) عليها العروسة وهى قابضة بيدها على مقبض السيف حيث تلوح به العروسة في الهواء طوال (التفقير). ( )
(وهناك من السيدات والشيخات من يحرصن على الالتزام بالملابس في أبسط التفاصيل لاعتقادهن بأن بارتكاب أدنى خطأ قد يفسد العلاقة مع الجن، لذا يحرصن كل الحرص على تقديم كافة الطلبات التي كانت من شروط الجن، وفى حضور وشهادة الشيخة وجمهور الحاضرين).( )
أما بالنسبة للقرابين فتختلف من نوع جن إلى آخر، وكل جن حسب دينه وملته ومزاجه الخاص ولا مانع أن تقدم له الخمور، كل ملبوس ومريض حسب طاقته المادية، بدأ من البيرة وانتهاء بأغلى أنواع الخمور، ثم يوضع كله على البوفيه، وهو مائدة مستطيلة يوضع في ركن من أركان المكان عليه مفرش نظيف وعليه طلبات السيد المقام له الزار، فإذا كان الدير مثلا نجد على المائدة أنواعًا متعددة من الجبن والزيتون وزجاجات البيرة، فهذه طلبات الدير، وتعلق على الجدار عند البوفيه صورة .. العذراء و.. المسيح وماري جرجس، بالإضافة إلى الصلبان والشمع الأبيض المصلب.( )
وعجبًا لذلك الحرص الشديد على الالتزام بأوامر الجن، بينما نجد ذلك التفلت الرهيب من الالتزام بدين الله عز وجل! مع أن الناس لو توكلوا على رب العزة حق التوكل لكفاهم شر الإنس والجن ولكفاهم عذاب السعير، ولكنها عبادة الشيطان تمارس تحت ستار من كلمة التوحيد [ لا إله إلا الله محمد رسول الله]، ثم بعد ذلك يفعل كل نقيض لها، والاسم مسلمون والإسلام بريء منا براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليهما السلام.
وتقوم النسوة برش الملح، ثم يقوم (السنجق) وهو (ريس) الجوقة السوداني والذي يعزف على آلة الطنبورة، يذبح ديك العتبة وهى عتبة بيت العروسة ثم يضع على جبينها نقطة دم الذبيحة، وتسمى (الفتوحات) وبعد أن (تقفز) العروسة مع الأفريقي والمنجور يبدأ دق الزار حسب أصول مرعية).( )
الزار والصلح مع الجن:
(والذبح شيء أساسي في الزار، وتختلف أنواع الذبائح باختلاف أنواع الجن وحسب الحالة الإقتصادية، ويوجد عند أصحاب الزار ما يعرف (بالماينجة) (في الغالب كلمة أمهرية هاجرت مع الزار، وهى مقبرة توجد في منزل الشيخة، يدفن فيها مخلفات الذبائح لكل زار أشرفت الشيخة على إقامته، ووجود الماينجة حاليًا أمر نادر نظرًا لضيق المساكن، ولأنه أمر لم يعد مستحبًا).( )
(وزار الجبل هو رحلة خلوية لا يختلف عن زار البحر إلا من ناحية المكان، فيكون في حي الإمام بجوار سيدي عقبة حيث يقام في حوش نجفة، وتزف العروسة إلى بئر وسط المقابر يطلقون عليه اسم الساقية وهى بئر عميقة تستخدم كما يتجه لإلقاء بقايا الذبيحة، ثم تأخذ العروسة بعد ذلك إلى مقام الست خضرة لعمل بعض الطقوس ثم العودة إلى حوش نجفة لاستكمال الزار).( )
وهناك بعد كل ذلك حوار بين الجان الذي يتحدث بلسان العروسة وبين الشيخة،.. ويتم الحوار الذي تعرف فيه الشيخة حالة العروسة وطلباته السرية وما يمرضها وفى حالة الذروة تثبت الشيخة عيناها في عين المريضة( ) وهى تلعب بالمبخرة حول رأسها وتدفع المريضة إلى الاعتراف بكل شيء).( )
ويحدث ذلك تمهيدًا للذبح وتنفيذًا لأوامر الجن (فإذا كان مثلا (ياوره) هو الجن الذي حل في جسد العروسة، فإنه يجب ذبح زوج حمام أحمر كجزء من طلباته، وتجلس العروسة في هذا المشهد على الأرض، في وضع الركوع، وأمامها المبخرة وتقوم الشيخة بتبخير زوج للحمام ثم تدور بهما حول العروسة قائلة: (بسم الله العلي العظيم، رب العرش الكريم، طايع له جميع العاصين السماح أهل السماح..كانوا ملاح.. إلخ). وفى أثناء الأداء تقوم الشيخة بوضع حمامة على كتف العروسة، والحمامة الأخرى على الكتف الآخر، ثم على رأس العروسة، بعدها تأخذ العروسة زوج الحمام لترقص به على دقة (ياورة) الذي أقيم الزار من أجله).( )
إلى أن تصل إلى حالة من الهدوء والسكينة، الأمر الذي يدل على وصول العروسة إلى عقد الصلح مع الجن.. ويتعهد الجن للشيخة في صوت مسموع، وفى حوار قصير، وهو حال في جسد العروسة، أي أن الذي يتحدث في هذه اللحظة ليست العروسة وإنما الجن الذي يشترط ويطلب طلبات محددة كأن تنام العروسة بمفردها يوم الخميس أو أي يوم آخر، وتقوم الشيخة بمساومة الجن والضغط عليه كأن تقول له مثلا: (أنها متزوجة ولا يصح هذا) ثم يقول الجن على لسان العروسة: إذن تدق لي الزار كل عام في يوم شم النسيم.( )
(وهكذا يتم الصلح والاتفاق بالعهد الذي تأخذه الشيخة على الجن وبشهادة الحضور وأهل الممسوسة. وفى فجر اليوم التالي، تقدم الذبائح بعد تبخيرها، وأحيانا (تقفز) العروسة معها.. ولا تشرب العروسة من دم الذبيحة، كان هذا يحدث في الماضي ولا يحدث الآن، بل يكتفي فقط بوضع نقطة دم على جبين العروسة وأحيانا يلطخ جلبابها الأبيض بالدم وهو ما يعرف في الزار بعملية (التزفير).( )
وإن العروسة في الزار يجب أن تأكل كبدة الذبيحة تأكيدًا للعهد الذي تأخذه على نفسها أمام أو في وجود الشيخة، كما أنها هي التي تفتتح أكل الذبيحة).( )
والحقيقة أن الذي يفتتح أكل الذبيحة هو الشيطان أو الجني المتلبس بالمريضة فهكذا يأكل الشيطان مما لم يذكر اسم الله عليه، إن تلك الطقوس التعبدية، بما تحمله من ولاء للشيطان وانقياد له كل ذلك يعد منكرًا من جهة الشرع بلا خلاف، ولكن لا نستطيع رميهم بالدجل من جهة حضور الجن وحصول المس وتسلط الشيطان على الإنسان، ولا يصح أن نعمم صفة الدجل على حقيقة وجود الجن مستندين في ذلك إلى تلك الطقوس التعبدية، وإلا فمن أوحى إلى الخيال الشعبي تلك الطقوس بشروط محددة ودقات الزار بنغمة معينة؟ أليس كائن آخر غير الإنسان ألا وهو الشيطان؟‍!
فمن الخطأ أن ننكر وجود الجن وحصول المس تبعًا لإنكارنا الوسيلة التي يتعامل بها هذا الصنف من السحرة وإخوان الجن الشياطين، طالما أن الأصل في إثبات ذلك كله هو كتاب الله، هذا إذا لم يخالفنا المعارضون في الاحتكام إلى كتاب الله والسنة.
أما إذا خالفونا في قبول الاحتكام إلى الكتاب والسنة، إذًا فالقضية التي يجب أن نتجاور فيها أولاً هي قضية الإيمان بالكتاب والسنة، ومن الخطأ الجسيم أن يجرنا هؤلاء العلمانيون إلى المناظرة في حلقة مفرغة لن نصل في نهايتها إلى نقطة بداية والنتيجة أننا سنضطر للدفاع عن أنفسنا بدلاً من أن نتخذ الهجوم وسيلة للدفاع.
مختصرات منقولة من مخطوط (الدخان الأسود) للكاتب: بهاء الدين شلبي






رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الاتصال, الزار, بالجن, حلقات, حصري:, والشياطين


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
تابعونا عبر تويترتابعونا عبر فيس بوك تابعونا عبر وورد بريس


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنتدى آخر الزمان©

تابعونا عبر تويتر