عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 02-27-2015, 07:35 AM
أبو الياس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

الحقيقة أن المتتبع للآيات سيجد أن يوسف عليه السلام عندما اشتروه بثمن بخس كان غلاماً شاباً ، أما عندما حدثت له هذه الحادثة مع المرأة الساحرة كان قد بلغ الأربعين من عمره ، والمتتبع للآيات سيجد هذا واضحاً (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ*وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ*وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ*وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [يوسف: 19-23]

الشاهد في الآيات أن يوسف عليه السلام قد بلغ أشده وآتاه الله علماً وحكماً ، وبلوغ الأشد يكون عند أربعين سنة ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) [الأحقاف: 15].

أما كلمة فتاها الواردة بالآية فهو لأن يوسف عليه السلام كان بمقام الولد أو الفتى لهذه المرأة خصوصاً وان عزيز مصر عندما اشترى يوسف عليه السلام أوصى به امرأته ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) فجريمة هذه المرأة مضاعفة ، جريمة الخيانة الزوجية ، وجريمة الخيانة مع رجل يعتبر في مقام الابن أو الولد.

أما موضوع تقطيع النسوة لأيديهن فهناك ملاحظة ، وهي أن الله سبحانه وتعالى قد عصم يوسف ببرهان وآيات رآها هو ومن ثم رأها غيره ، فعندما راودته امرأة العزيز استعصم بالله فعصمه بأن رأى برهان من ربه وهذه آية من الله سبحانه وتعالى ليصرف الفاحشة والهم بها عن قلب يوسف عليه السلام فهرب مسرعاً للباب ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف: 24]

وحين اجتمع النسوة أيضاً وأكبرن يوسف وقطعن أيديهن ، فتقطيع أيديهن لا يكون بمجرد جمال خلقته فقط ، وحتى كريم خلقه وعفته لا أظن أنها سبب ظاهر وقوي لتقطيع أيديهن بالسكين إلا أن يروا آيات واضحة جلية من ربه عز وجل تدل على أن الله عز وجل عاصمه ، ويدعم هذا قوله تعالى ( فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) [يوسف: 34-35].

وكل هذا يدعم لدي فرضية أن يوسف عليه السلام كان قد أوحي إليه بالنبوة حال وقوع هذه الحادثة خصوصاً أنه قام بمهام الدعوة إلى توحيد الله عز وجل في السجن ، وكل هذا المكر الشيطاني لكي يتم تدنيس النبي الموحى إليه من ربه عز وجل تحدياً لله عز وجل من قبل الشيطان بأنه حتى أنبيائه المصطفين يقعوا في الفاحشة ، لكن خاب ظنهم وتخطيطهم وعصم الله نبيه.



رد مع اقتباس