عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-26-2016, 12:02 AM
مسلم مسلم غير متواجد حالياً
عضو
 Morocco
 Male
 
تاريخ التسجيل: 19-12-2013
الدولة: DRT
المشاركات: 679
معدل تقييم المستوى: 11
مسلم is on a distinguished road
افتراضي باب ذكر اللام الأصلية

باب ذكر اللام الأصلية
اعلم أنها تكون في الأسماء والأفعال والحروف وتكونفاء وعينا، ولاما فكونها فاء قولك لعب ولهو ولجام وما أشبه ذلك كما

قال
الله عز وجل‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ‏}‏‏[‏سورة محمد‏:‏ 36‏]‏؛

وكذلك ما أشبهه وكونها عينا قولك بلد وسلام كما

قال
تعالى‏:‏ ‏{‏السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ‏}‏ ‏[‏سورةالحشر‏:‏ 23‏]‏؛

وكذلك السلم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِن جَنَحُواْ
لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا‏}‏ ‏[‏سورة الأنفال‏:‏61‏]‏؛

وكونها لام الاسم
قولك‏:‏ خَطل وجبل وإبل ووصل وحبل، وكذلك ما أشبه فهذا كونها في الأسماءوكونها في الأفعال في هذه المواقع

كقولك‏:‏ لعب الرجل، وسَلس الشيء وفلق،
ووصل، وعجل فقد بان لك وقوعها في المواقع الثلاث‏:
‏ في الأسماء والأفعال وهي أكثر من تحصى، وأبْيَن من أن تخفى

فأما كونها في الحروف، فإن الحروف لا
تقدر بأمثلة الأفاعيل ولكنها قد جاءت فيها أولًا ووسطا وآخرا ولا يحكمعليها فيها بالزيادة إلا بدليل
فكونها أولا قولهم لم ولن ولكن وكونها آخرًا قولهم‏:‏ هلْ وبلْ، وهي التي تقع للإضراب كقولك‏:‏ ما خرج زيد بلْ عمرو

قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ‏}‏
‏[‏سورة القيامة‏:‏ 14‏]‏؛

أما قولهم‏:‏ ألم وألما، فإنما هي‏:‏ لم ولما،
ولكن الألف تزاد في أولهما تقريرًا وتوبيخًا واستفهامًا فالتقرير قولك‏:‏ألم تخرج، ألم تقصد زيدًا

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ
يَا بَنِي آدَمَ‏}‏ ‏[‏سورة يوسف‏:‏ 60‏]‏؛

هذا تقرير؛والتوبيخ مثل
قولك‏:‏ ألم تذنب ألم تسفه على فلان فاحتملك؛ فأما لَيْسَ ففيها خلاففالفراء

وجميع الكوفيين يقولون هي‏:‏ حرف والبصريون يقولون هي‏:‏ فعل

ودليل
الكوفيين على أنه حرف ليس على وزن شيء من الأفعال لسكون ثانيه، وأنه لميجيء منها اسم فاعل ولا مفعول ولا لفظ المستقبل فلم يقل منها‏:‏ يليس ولايس ومليس،
كما قيل باع يبيع فهو بائع ومبيع، وكال يكيل فهو كايل ومكيل،وقال البصريون أما الدليل على أنها فعل فهو اتصال المضمر المرفوع به ولايتصل إلا بفعل

كقولك‏:‏ لست ولسنا ولستم ولستن ولستما وما اشبه ذلك،

فهو
كقولك‏:‏ ضربت وضربنا وضربتم وضربتن وضربتما وما أشبه ذلك و انستار المضمر الفاعل فيه

كقولك‏:‏ زيد ليس ذاهبًا، وعبد الله ليس راكبًا، فهذا هو الدليل
على أنه فعل؛

فأما العلة في امتناعه من التصرف فهو أنه لما وقع بلفظ
الماضي نفيا للمستقبل فقيل‏:‏ ليس زيد خارجًا غدا استغني فيه عن لفظالمستقبل ولما استغني فيه عن المستقبل، لم يبن منه اسم الفاعل ولا المفعولفهذه علة امتناعه من التصرف وعلة أخرى وهي أنه لما نفي بها ضارعت حروفالمعاني النافية فمنعت من التصرف لذلك،
وقد يكون من الأفعال مالا يتصرف ولايحكم عليه بأنه ليس بفعل لامتناعه من التصرف ألا ترى أن العرب قالت‏:‏ يذرويدع ولم يستعملوا منه الماضي ولا اسم الفاعل والمفعول،

وكذلك عسى في
قولهم‏:‏ عسى زيد أن يركب،

وفي قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏عَسَى أَن يَبْعَثَكَ
رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا‏}‏ ‏[‏سورة الإسراء‏:‏ 79‏]‏؛

عسى يأتي
بالفتح أو أمر من عنده هو فعل غير متصرف ولم يستعمل منه يفعل ولا فاعل،
وكذلك نعم وبئس هما فعلان غير متصرفين فكذلك ليس هي بهذه المنزلة فيامتناعها من التصرف؛
وأما سكون ثانيه، فإن من العرب من يفر من الضم والكسرإلى السكون تخفيفا فيقول في‏:‏ عَضُدٌ عَضْدٌ وفي‏:‏ فَخِذ فَخْذ، ولايفرون من الفتح إلى السكون

قال‏:‏ سيبويه قلت للخليل ما الدليل على أن
الفتحة أخف الحركات قال‏:‏ قول العرب في عَضُد عَضْد وفي كَبِد كَبْد ولم يقولوا فيك جَمَل جَمْل، ولا في قَمَر قَمْر، فدل ذلك على أن الفتحة أخف الحركات ومع ذلك، فإن الضمة والكسرة تخرجان بتكلف واستعمال للشفتين والفتحة تخرج مع النفس بلا علاج، ومن كان هذا من لغته في الأسماء، فإنه يقول أيضا في الأفعال ضُرب زيد وهو يريد ضَرب زيد وعُصر الثوب وهو يريد عَصر،

قال
الشاعر‏:‏
لو عصر منه البان والمسك انعصر‏.‏

وكان أصل ليس لَيَسَ على وزن فَعَل فأسكن من هذهاللغة و لزمها السكون لما لم تصرف ولم تستعمل على الأصل كمالم يستعمل قاموباع وما أشبه ذلك على الأصل؛ وأما كون اللام وسطا في موقع عين الفعل فيحروف المعاني فقولهم فقولهم‏:‏ ألا وهي التي تقع افتتاحا لكلام

كقوله
تعالى‏:‏ ‏{‏أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏[‏سورة هود‏:‏ 18‏]‏،

وكقول الشاعر‏:‏ وهو الشماخ‏:‏
ألا ناديا أظعان ليلى تعرج *** يهيجن شوقا ليته لم يهيج
وكقول الآخر‏:‏
ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر *** وإن كان حيانا عدى آخر الدهر
وكقول ذي الرمة‏:‏
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى *** ولا زال منهلا بجرعائك القطر

ومن ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ
الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ‏}‏ ‏[‏سورة النمل‏:‏ 25‏]‏؛

معناه والله اعلم
ألا يا هؤلاء اسجدوا فالمنادي مضمر في النية ويا حرف النداء وألا تنبيهوافتتاح كلام وموقع اللام منها موقع عين الفعل ومما أضمر فيه المنادي قولالشاعر‏:‏

يا لعنة الله والأقوام كلهم *** والصالحين على سمعان من جار

قال سيبويه‏:‏ يا لغير اللعنة ولو كان واقعا عليها لنصبها لأنه نداء مضاف ومن قرأ ألا يسجدوا لله بفتح أوله والتشديد فهيمركبة من حرفين أن ولا تقديره أن لا يسجدوا ثم أدغمت النون في اللام التي بعدها فاللام على هذا التقدير أول كلمة ويسجدوا في موضع نصب بأن وعلامة لنصب سقوط النون وهي نظير

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ
وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ‏}‏ ‏[‏سورة النمل‏:‏ 31‏]‏؛

في الفتح والتشديد
والعمل، وقد تكون اللام ثانية في حروف المعاني مشددة في قولهم إلا فيالاستثناء كقولك‏:‏ جاء القوم إلا زيدا ومررت بأصحابك إلا بكرا

قال الله
تعالى‏:‏ ‏{‏فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلًا‏}‏ ‏[‏سورة البقرة‏:‏ 249‏]‏؛

وما فعلوه إلا قليل منهم؛ وقرأ عبد الله بن عامر؛ ما فعلوه إلا
قليلا منهم؛
بالنصب وذلك أن إلا إذا كان ما قبلها من الكلام موجبا كان ما
بعدها منصوبا منفيا عنه ما أثبت لما قبلها وإذا كان ما قبلها منفيا جازفيما بعدها البدل مما قبلها والنصب على أصل الاستثناء هذا مذهب البصريين ولا يجوزون غيره

قال‏:‏ سيبويه إلا في الاستثناء بمنزلة دفلى، فإن سميت به ا
لم تصرف المسمى به في معرفة ولا نكرة؛
يعني أن إلا كلمة واحدة مؤنثة فالألف التي في آخرها ألف التأنيث بمنزلة الألف التي في دفلى فلذلك لم تصرف المسمى بها؛

وأما الفراء فعنده أن اللام في إلا في الاستثناء أول الكلمة
وموقعها موقع فاء الفعل وهي عنده أعني إلا مركبة من حرفين من إن ولا فإذا نصب بها فقال جاء القوم إلا زيدا فالناصب عنده إن ولا ملغاة
كأنه قال‏:‏قام القوم إن زيدا لا، أي لم يقم فقيل له فأين الخبر فقال اكتفي بالخلاف من الخبر وذلك أن ما بعد إلا مخالف أبدا لما قبلها وإذا رفع بها، فقال قامالقوم إلا زيدا فالرافع عنده لا وإن ملغاة

كأنه قال‏:‏ قام القوم لا زيد
وهذا تحكم منه وإلغاء إن، وقد بدء بها مالا يعقل في كلام العرب ولا يعرف له نظير وذلك أن العرب قد أجمعوا على أن الملغى لا ويبتدأ به ولا يجوز أنتقول ظننت زيد منطلق على إلغاء الظن، وقد بدأت به، وكذلك موقع إن في إلا إن كانت كما زعم مركبة من حرفين فإلغاؤها غير جائز والرفع بها خطأ لتقدم إن وإجماع العرب والنحويين على إجازة‏:‏ ما قام القوم إلا زيد،

وقول الله
تعالى‏:‏ ‏{‏مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ‏}‏ ‏[‏سورة النساء‏:‏ 66‏]‏،

فالرفع يدل على فساد ما ذهب إليه الفراء، وقد أجاز الفراء أيضا
الرفع بعد إلا في الموجب

فأجاز‏:‏ قام القوم إلا زيدٌ، وانطلق أصحابك إلا
بكرا
قال‏:‏ أرفعه على إلغاء إن والعطف بلا، وقد بينت لك فساد هذا الوجه وهو لحن عند البصريين، وقد استعمله كثير من الشعراء المحدثين وكثيرا مانراه في شعر أبي نواس ومن هو في طبقته وأحسبهم تأولوا هذا المذهب؛

وأما كلا فهي أيضا حرف واحد واللام فيها مكررة مشددة وهي ردع وزجر، فهذه مواقع اللامات الأصلية في الأسماء والأفعال والحروف ومهما ورد منها مما لم نذكره فلن يخرج عن قياس ما أصَّلناه فتدبره، فإنه راجع إليه إن شاء الله‏.‏



رد مع اقتباس