عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-23-2016, 01:54 AM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي غير متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,740
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

ننتقل بعد هذا إلى باب الحال قال المصنف: (بَابُ اَلْحَالِ اَلْحَالُ هُوَ اَلِاسْمُ اَلْمَنْصُوبُ, اَلْمُفَسِّرُ لِمَا اِنْبَهَمَ مِنْ اَلْهَيْئَاتِ, نَحْوَ قَوْلِكَ "جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا" وَ"رَكِبْتُ اَلْفَرَسَ مُسْرَجًا" وَ"لَقِيتُ عَبْدَ اَللَّهِ رَاكِبًا" وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) قد يؤخذ على المصنف بعض ما في هذا التعريف.

أولاً: قوله الحال هو الاسم، لا يكون الحال دائماً اسماً، لكن الغالب أن يكون الحال اسما بل قد يكون الحال جملة وقد يكون الحال جاراًَ ومجروراً وقد يكون الحال ظرفاً، فقوله الحال هو الاسم قد يؤخذ عليه ذلك، لكن قد يعفيه من هذا المأخذ أن الغالب في الحال أن يكون اسماً مفرداً الغالب في الحال أن يكون اسماً مفرداً، قد يؤخذ عليه أيضاً قوله المنصوب، لأن هذا حكم الحال ويقولون إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فكان الأصل أن يصور لنا الحال ثم يذكر حكمه.

ويقول حكمه أنه منصوب صحيح منصوب لاشك لكنه لا يذكر الحكم في التعريف وهذا مأخذ أخذوه على ابن مالك رحمه الله أيضاً إذ قال في ألفيته: الحال وصف فضلةٌ منتصبُ فذكر الحكم في التعريف فأخذوا عليه، من أي ناحية أخذوا عليه قالوا إن معرفة الحكم تتوقف على معرفة الحال ومعرفة الحال متوقف على معرفة الحكم، فيجيء ما يسمى بالدور، وهذا عند المناطقة أن يترتب معرفة كل شيء من الأمرين أو كل واحد من الأمرين على معرفة الأمر الآخر فما تصل إلى نتيجة تعريف ابن مالك أحسن نوعاً ما من تعريف صاحبنا هنا لأنه ذكر بعض أوصاف الحال فقال الحال وصف. وقال الحال فضلة، الوصف المقصود به اسم الفاعل واسم المفعول واسم المشبه وما شاكل ذلك وهذا هو الكثير الغالب فيه وفضله يعني يمكن الاستغناء عنه وهكذا على كل حال صاحبنا هنا يقول الحال هو الاسم المنصوب فعلاً، حقه أن يكون منصوباً المفسر لما انبهم من الهيئات، ما انبهم ما غمض، ولم يتضح فيأتي الحال مفسراً لهذا الغامض، الغامض من أي شيء؟ من الذوات ولا من الأشكال؟ لا من الهيئات، وهي الأشكال، تقول قابلت زيداً ضاحكاً، أو مسروراً أو مغموماً أو باكياً فتبين هيئته أو راكباً أو ماشياً أو إلى آخره، تبين هيئة الذي قابلته وبعد فقولك قابلت زيداً راكباً من الراكب؟ أنت أو هو؟ يصح أن يكون الحال منك، وأن يكون الحال منه ولو قلت
قابلت زيداً راكبين يعني أنا وهو كل واحد منا راكب، ولو قلت قابلت زيداً راكباً ماشياً، فأيهما يكون لك وأيهما يكون له خذ القريب واعط القريب، وخذ البعيد واعط البعيد، فيكون الراكب هو زيد ويكون الماشي المتكلم قابلت زيداً راكباً ماشياً أنا أمشي وهو راكب لما لم نجعلها على الترتيب قال مادام أنك لابد أن تفرق بينهم فاجعل واحد منهم بجنب صاحبه والثاني خله بعيد اتركه بعيداً، هذا كلام طبعاً من اقتراح بعض المؤلفين يقول لابد أن تفرق فاجعل واحداً منهما للقريب وهو المفعول به واجعل الثاني للبعيد اجعل البعيد للبعيد والقريب للقريب.

الأمثلة التي ذكرها المصنف هي قوله: جاء زيد راكباً، راكباً هنا اسم فاعل وهذا هو الأصل في الحال والغالب في الحال أن يكون مشتقاً، وقد يكون جامداً ولكنه قليل وسيأتي له بعض الأمثلة إن شاء الله تعالى.

وكذلك قوله ركبت الفرس مسرجاً، هذا اسم مفعول، أما قوله لقيت عبد الله راكباً فكذلك عبد الله هنا هو إما أن يكون صاحب الحال التاء وإما أن يكون صاحب الحال هو عبد الله وفى الأولى جاء زيد راكباً زيد هو صاحب الحال بدون شك، لأن ما عنده أو ليس لا يوجد معه مفعول به، قال المصنف (وَلَا يَكُونَ اَلْحَالُ إِلَّا نَكِرَةً) فعلاً الحال حقه أن يكون نكره لماذا؟ قال لأننا سنشترط بعد قليل أن صاحب الحال لابد أن يكون معرفة، فلو كان الحال معرفة وصاحب الحال معرفة، لتُوهم في بعض الأحيان أن المتأخر صفة للمتقدم لتشابههما في التعريف، فمن أجل هذا اشترط في الحال أن تكون نكرة، وهذا أغلب ما ورد في كلام العرب وقد وردت معرفة في بعض كلامهم فقالوا: ادخلوا الأول فالأول، الأول هذه حال مع أنها معرفة دخل عليها ال قال لأنك تؤل الأول الأول هذه تؤل اللفظين جميعهما بقولك ادخلوا مترتبين فتؤولها بنكرة قالوا ومنه قول الشاعر وهذا شاعر يحتج به:
فأوردها العراك ولم يزدها..... ولم يشفق على نغط الدخال

طبعاً هو هنا يتحدث عن شخص أورد إبله لتشرب وجعل بعضها يعرك بعضاً، ولم يشفق على بعضها من أنه لا يستطيع أن يشرب إذا كان ضعيفاً، وإنما أرسله وتركها تشرب.

الشاهد عندنا في قوله أوردها العراك، فإن العراك هنا حال، مع أنها معرفة لدخول ال عليها ولك في توجيهها واحد من الأمرين أن تقول إن ال هذه زائدة ويجوز وهو الأولى أن تقول إن كلمة العراك مؤوله بنكرة فيكون التقدير فيها فأوردها معتركة، أو متعاركة قال المصنف (وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ اَلْكَلَامِ) وهذا منه إشارة إلى أن الأصل في الحال أن يكون متأخرا لكن يجوز أن تقدمه؟ نعم، يجوز أن تقول مثلاً قائماً رأيت زيداً، أو راكباً جاء عبد الله لا مانع لكن الأصل أن تكون متأخرة ولعل المقصود بكلامه هنا أنها فضلة، يعني إذا استوفت الجملة ركنيها الأساسيين الفعل والفاعل أو المبتدأ والخبر، فلا مانع أن تورد الحال وسواء أخرتها وهو الأصل أو قدمتها وهو جائز.

في قول الله عزّ وجلّ ( وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ ) [البقرة: 91] مصدقاً هنا جاءت حالاً وجاءت متأخرة وهذا هو الأصل لكن لو قدمت الحال على صاحبها أو على الجملة كلها فلا مانع كما ذكرته لكم في الأمثلة، ثم قال المصنف أيضاً، ولا يكون صاحبها إلا معرفة، أما لا يكون مطلقاً ففيه نظر لأن صاحب الحال يمكن أن يكون نكرة لكن لابد معه من مسوغ، والمسوغات كثيرة أذكر لكم بعضها.

شرح الآجرومية لحسن حفظي : 1/ 249؛ 251





رد مع اقتباس