عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10-31-2019, 09:16 PM
ميراد ميراد غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Male
 
تاريخ التسجيل: 19-07-2017
الدولة: ارض الله
المشاركات: 554
معدل تقييم المستوى: 7
ميراد is on a distinguished road
افتراضي

كلا الكلمتين تفيد تَطَلَّب الخبر وتبيان حقيقته، إما باستعمال وسائل ذاتية [حواس الإنسان] أو الإستعانة بوسائل خارجية [آلات أوحيوانات ..]،و الجَاسَّةُ مِنَ الإِنْسَانِ: الحَاسَّةُ، وَالجَوَاسُّ مِنَ الإِنْسَانِ: اليَدَانِ، وَالعَيْنَانِ، وَالفَمُ، وَالشَّمُّ؛ الوَاحِدَةُ جَاسَّةُ ، وَيُقَالُ بِالحَاءِ[1]، لكن الفرق الجوهري بينها هو الغاية من طلب الخبر.

أولا: قد نطلب خبر فقير ونتابعة أحواله أو مريض وما إلى ذلك من الأمور المحمودة التي لا يختلف عليه إثنان هذا تحسس، وهو نفس ما رخص به يعقوب عليه السلام لبنيه في التحسس لخبر يوسف عليه السلام وعبر عنه القرآن في قوله تعالى: (..فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ..)[يوسف: ٨٧]، والكلمة تأتي في القرآن بمعناه المحمود يقول تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا) [مريم: ٩٨].

ورخص في ذلك أيضا للمحارب لما يأمن به على عرضه وماله ودينه يقولى تعالى: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّـهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّـهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: ١٥٢].

ثانيا:يقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)[الحجرات: ١٢]، العرب كانت على دراية بهذا الفارق في المعنى وجاء القرآن مؤكدا وموثقا له لكي يكون مقابلا لجفاف المعنى اللغوي للكلمة في المعاجم التي أتت بعده، كقول بن ربيعة:
يَا قَوْمُ، هَلْ أَحْسَسْتُمُ جَسَّاسَا[3]جَاوَرَكُمْ يَحْسَبُكُمْ أُنَاسَا؟

وكذلك صح عن بن مسعود قوله: [نُهِينَا عن التَّجَسُّسِ][4] لما أتاه آتي بخبر شارب خمر بخفية، وقد أنذرهم النبي بعقاب شديد يقول صلى الله عليه و سلم : (يُذَابُ الآنُكُ فِي أُذُنِ المُتَجَسِّسِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ)[5].

وعليه فطلب خبر بدون مصلحة شرعية أو دفع لضرر منهي عنه شرعا، و خصص الله تعالى في القرآن ماهو مشروع بلفظ [حسس] و المنهي عنه بلفظ [جسس].


و الله أعلم.
__________
[1] العين: الخليل بن أحمد، تح: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، الهلال، د.ت.6 / 5
[2] لَبيد بن ربيعة العامريّ/شرح ديوان لبيد بن ربيعة العامري : تح: إحسان عباس، وزارة الإرشاد والأنباء، الكويت، 1962م.337

[3] الجَسَّاسُ : وهو الكَثِيرُ البَحْثِ وَالسُّؤَال
[4] الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : العجلوني | المصدر : كشف الخفاء الصفحة أو الرقم: 2/430 | خلاصة حكم المحدث : إسناده على شرط الشيخين
[5] الجامع في الحديث : عبد الله بن وهب (ت: 197 هـ) ، تح: مصطفى أبو الخير، دار ابن الجوزي، الرياض، 1995م.1 / 388 ، (رقم الحديث: 275)



رد مع اقتباس