عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-02-2020, 01:14 PM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي غير متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,740
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبد الوكيل مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

قدمت طلب إعراب كلمة في منتدى (شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية وآدابها)، وجاء في الرد حجج ومراجع عن حذف صاحب الحال أو عامله أو كلاهما؛ وجوبا أو جواز (تُفتَح المراجع بالضغط على حروف "هنا" ):
قلت:
(ما إعراب كلمة (ماشيةً) في جملة [ بَعَثْنَا إِلَيْهِمْ مَاشِيَةً تُكَلِّمُهُمْ] ؟
المقصود بالجملة بعثة امرأة ماشية لا راكبة لتُكَلِّمَ قومًا، هل تُعرَبُ (ماشية) حالا صاحبه محذوف تقديره امرأة ؟) ا.هـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا يوجد رابط في "هنا"

قال تعالى: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ) [الأعراف: 148] عاب الله عز وجل على بني إسرائييل عبادتهم العجل، لأن الأصل في البهيمة أنها لا تتكلم كلام البشر، فالعجل إن نطق خار كما يخور بني جنسه من البقر لقوله تعالى: (عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ)، إذن فالعجل أعجم اللسان، يخور فلا ينطق منطق البشر، فإن فرضنا جدلا؛ أن هذا العجل نطق فتكلم كلام البشر، فنطقه منطق البشر فعل إعجازي، ليكون آية للناس، وهذا مالم يتحقق في حادثة عبادة العجل.

فإن الدابة تكلمت فيجب أن تنطق أولا على نحو إعجازي لتكون آية للناس، فكل شيء في الكون له منطقه، فيسبح الله عز وجل، والمنطق كالكلام، والباح، والعواء، والهدييل، والخوار ... إلى آخره. قال تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44] حتى الجمادات تنطق، لكنها لا تنطق بمنطق البشر وهو الكلام، والجلود جمادات ينطقها الله يوم القيامة بمنطق الناس قال تعالى: (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 21] فلم تقل جلودنا أكلمنا الله الذي أكلم كل شيء، لأن الكلام خاص بالعاقل فقط، فلا يصح الكلام، وإنما قالت جلودهم (أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أي أنطقها منطق البشر لتكلم أصحابها، كما في قوله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس: 65] فذكر في الآية الأيدي مقرونة بفعل الكلام للعاقل وهذا على نحو معجز.

لكن في الآية لم يرد ذكر الدابة مقرونة بالنطق، فلم يقل "دابة تنطق فتكلمهم"، لإنه لا إعجاز في كلامها، طالما أن الكلام صفة للعاقل، وإنما قال (تُكَلِّمُهُمْ) بما أغنى عن ذكر قرينة أخرى تخرجها من عموم دلالة كلمة (دَابَّةً) لأن الكلام صفة للعاقل لا يحتاج قرينة، وتاء التأنيث دلت على أنها أنثى عاقلة، أي إمرأة من جنس الناس، وهذا ينفي أنها بهيمة.

فمن ادعى أن الدابة بهيمة، علل كلامها بأنه آية للناس، لكن الآية لم يرد فيها ذكر الفعل المعجز لله عز وجل، أي أنطقها الله كما سينطق الجلود، وإنما ذكر صفة الكلام للعاقل، مما دل على أنها إنسان. وهنا نلزم من ادعى أنها بهيمة أن يثبت صفة الإعجاز في كلام الدابة ليخرجها من عموم الدواب إلى خصوص البهائم، وإلا يبقى المعنى على ظاهره أنها إنسان أنثى.



رد مع اقتباس