الموضوع: عجل السامري
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-15-2021, 10:55 PM
ميراد ميراد غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Male
 
تاريخ التسجيل: 19-07-2017
الدولة: ارض الله
المشاركات: 554
معدل تقييم المستوى: 7
ميراد is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جند الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما هو دليلك أنه أخرج العجل من عالم الجن؟

وما المراد بالإخراج في الآية؟ عندك مثلا الأفام السينمائية يقال أنها من [إخراج] فلان .. فما معنى الإخراج هنا؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخرج على وزن أفعل مزيد من فعل [خرج - يخرج] جعل الشيء أو الأمر يخرج وهو النّفاذُ عن الشَّيء، وهو نقيض الدخول، وهو اختلافُ لونَين، يقال الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في بياض، والسوادُ الغالبُ[1][2].

[أخرج] بمعنى الإحياء والخلق:
ورد فعل [أخرج] في القرآن بمعنى الإحياء والخلق عندما يكون الفاعل الله تعالى؛ وإن اختص الله نفسه بالخلق لكن يمُنّ على من ارتضى من عباده الصالحين بهذا العلم الرباني، يقول الله تعالى : (إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي) ‎﴿المائدة: ١١٠﴾‏ عيسى عليه السلام كان يخلق الطير وينفخ فيها ويصبح طائرا حيا وذلك بإذنه سبحانه وتعالى، والقرآن قال عن السامري أنه أخرج عجل له خوار.

فاحتمال أن السامري [أخرج] العجل بمعنى أحيا أو خلق من خامة كهيئة عجل مستبعد، لما يلزم تحول في تكوين المادة الخام إلى دم ولحم وهذا لم يثبت أن السحريفعله؛ عيسى عليه السلام بإذن الله تعالى حول مادة الطين إلى لحم ودم تدب فيه الحياة و يطير، وكذالك موسى عليه السلام تأييدا من الله انقلبت عصاه من عود خشب إلى ثعبان حقيقي حي قال الله تعالى: (فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ‎﴿١٠٧﴾‏)، وهذه آيات حق للأنبياء والرسل بخلاف سحر التخيل كالذي ألقته سحرة فرعون قال الله تعالى : (قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ‎) ﴿طه: ٦٦﴾‏، ولهذا أعلم السحرة شهدوا أن الذي ألقاه موسى ليس عمل سحر وأنه من اختصاص رب العالمين بدليل دخولهم للإسلام.
[أخرج] بمعنى الإبراز والإظهار:
والاحتمال الثاني أنه ليس للسامري دور في العملية سوى إبراز وإظهار شيئ خفي عن أعين الناس، قال الله تعالى : ( قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ‎) ﴿طه: ٩٦﴾‏ وفي هذه الآية ميزة دالة، يجب أن ننتبه أن الفاعل ذو علم واطلاع على عالم خفي عالم الجن و الملائكة، ثم هناك قرينة أن اللفظ موضوع الدراسة ودال على إبراز ماخفي، وهذا يساوي إن لم يكن يرجح إحتمال أن يكون العجل أخرج من عالم الجن.
ثم طريقة التخلص من العجل بالحرق باللهب والمبرد ( برد الشيء:حك بعضه ببعض) ملفتة وتدل على عجل غير عادي، حيث لم يكن الذبح كافي للتخلص منه. وللجمع بين القراءات قال البعض أن الحرق باللهب كان للعجل ثم بعدها برد ما تبقى منه من عظم، تحرق جثث بعض الموتى في محارق وتتحول غلأى رماد ولاتحتاج إلى برد، وأقول البرد والحرق باللهب وقع في زمن واحد ولم يكن تتابع للعمليتين وإنما تزامن، مما يدل على وجود مواد تبطل بالبرد ولايصح حرقها فقط باللهب.
جاء في الحديث : (ما من بني آدمَ مولودٌ إلا يمسُّه الشيطانُ حين يُولَدُ ، فيستهلُّ صارخًا من مسِّ الشيطانِ ، غيرَ مريمَ و ابنِها)، وشيطان السامري استهل يخور عند تجسده في عالم الإنس.
[أخرج] بمعنى تزيين العجل بتغير لونه:
جاء في مقاييس اللغة [أخرج]: اختلافُ لونَين الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في بياض، والسوادُ الغالبُ.
والأَخْرَجُ من المِعْزَى: الذي نصفه أَبيض ونصفه أَسود. الجوهري: الخَرْجاءُ من الشاء التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين. وهذا المعنى أن السامري زين العجل بألوان لتميزه كإله عن باقي العجول، وهذا موجود في ثقافة بنو اسرائيل حيث كانوا يحبون البهرجة، كما كان يفعل قارون قال الله تعالى : (فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ‎) ﴿القصص: ٧٩﴾‏
ولكن لا أظن أن هذا المعنى اللغوي للفظ هو المراد في الآية الكريمة .
والله أعلم.

السامري هو الفتنة وأضلهم بعبادة العجل:
كانت فتنة بني اسرائيل بالسامري شديدة حيث لبس عليهم دينهم وألقى الشبهات، حتى نسوا ماذكروا به، ولم يقدر خليفة رسول الله أن يدفع عنهم ذلك، لأنه كان بقدر من الله، قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ) ‎﴿طه: ٩٠﴾‏ (به) الضمير عائد على السامري وليس على العجل كما قال بعضهم، لأن زمن الانذار بالفتنة جاء في الآية قبل عبادة القوم للعجل، ومنه قوله تعالى: ( قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) ‎﴿طه: ٨٥﴾‏ وقد أسند الله تعالى سنة الفتنة إليه لأنها قدره في الخلق ومن سننه التي تتكرر لتمحيص عباده قال الله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) ‎﴿العنكبوت: ٢﴾‏ ونسب الضلال للسامري وكان بتغيير دين بني اسرائيل من التوحيد للوثنية وعبادة غير الله، وكل ذلك لهوى في أنفسهم قال الله تعالى : (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ‎﴿الأعراف: ١٣٨﴾‏.

السامري قوة كامنة انتهازية؛ استغل غياب رسول الله موسى عليه السلام للسطو على الخلافة، من ضل من قوم موسى ملّكوا أمرهم للسامري وأصبح الناهي الآمر ولم يعد أمرهم ملك أيديهم قال الله تعالى: ( قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ) ‎﴿طه: ٨٧﴾، لما يئس منهم تخلى هارون الخليفة الشرعي عنهم لعدم وجود فائدة في تولّيهم بعدما عصوا أمره وكادوا يقتولنه قال الله تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ‎﴿الأعراف: ١٥٠﴾‏
و الله أعلم.
___________
[1] لسان العرب
[2] مقاييس اللغة
[3] الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر: صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 5700 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (3431) واللفظ له، ومسلم (2366)




التعديل الأخير تم بواسطة ميراد ; 10-15-2021 الساعة 11:44 PM
رد مع اقتباس