الموضوع: عجل السامري
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-17-2021, 09:32 PM
ميراد ميراد غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Male
 
تاريخ التسجيل: 19-07-2017
الدولة: ارض الله
المشاركات: 554
معدل تقييم المستوى: 7
ميراد is on a distinguished road
افتراضي

قال الله تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) ‎﴿يونس: ٩٢﴾‏
[بدن]: جسد الإنسان دون الرأس والأطراف[1]؛ والبدن: الجزء العلوي من جسد الانسان ولهذا يقال للدرع القصير الذي يلبس على الصدر إلى السرة [بدن] لأنه يقع على البدن، ولما كان البدن هو أعلى الجسد وأغلظة قيل لمن غلظ من السمن قد بدن وهو بدين، والبدن الإبل المسمنة للنحر ثم كثر ذلك حتى سمي ما يتخذ للنحر بدنة سمينة كانت أو مهزولة [2][بتصرف].

(نُنَجِّیكَ): قرأ أُبَيّ وابن مسعود وابن السَّمَيْفَع ويزيد البربري واليزيدي (نُنَحِّيْكَ)[2] بالحاء المهملةِ من التَّنْحِيَة أي: نلقيك ونُمِيلك للناحية التي نجى إليها موسى وقومه.

(بِبَدَنِكَ): قرأ أبو حنيفة (بأبدانك)[2] بالجمع ويكون المراد به نجاته بدرعه وأدرع من معه من الجنود فتنسب كل الأدرع إليه، أو المراد أدرعه هو فقط إن كان يلبس أكثر من درع مبالغة منه في التدريع خوفا من القتل، وبهذا المفهوم نعتبر الباء بمعنى "مع" وتمسمى الباء المصاحبة.

أما ما قرأ به ابن مسعود وابن السَّمَيْفَع (بندائك)[2] تكون الباء سببية أي بسبب ندائك قال الله تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ﴿يونس: ٩٠﴾‏ وهذا آخر نداء لفرعون قبل هلاكه إن التزمنا بقاعدة الضمير يعود على أقرب مذكور، ولفرعون نداء من قبل ذلك بادعاء الألوهية وهوالأرجح قال الله تعالى : (فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ‎﴿٢٣﴾‏ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ‎﴿٢٤﴾‏ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ ‎﴿٢٥﴾‏ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ‎﴿٢٦﴾)، في المعجم نكَل بخَصمِه :أصابه بنازلةٍ تكون عبرةً لغيره، فيكون هذا هو النداء المراد؛ والله أعلم.

(خَلْفَكَ): قرأ ابن مسعود وابن السَّمَيْفَع (خَلَفَكَ) في المعجم [خَلَفَ]عَنْ خُلُقِ أَبِيهِ: لَمْ يَتَّبِعْهُ؛ و يكون المعني من لم يتبعك يا فرعون؛ وفي قرأة علي بن أبي طالب (خلقك) بالقاف أي يكون هو آية ببدنه للخالق تعالى على اعتبار اللام للملكية في قوله تعالى: (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً).
قال الله تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) ‎﴿يونس: ٩٢﴾‏
مما سبق من القراءات نفهم أن فرعون هلك وأنجى الله تعالى جسمه بدون رأس ولا أطراف (بدن)، وبحالته هذه يصعب التعرف على جثته فكان درعه المميز علامة عليه قد يكون من الذهب ومرصع بالنفائس كعدة الملوك، وبه يتعرف عليه بعدما نكل به، وقد نحاه الله سبحانه وتعالى إلى الساحل من الجهة التي نجا منها من خلف فرعون ولم يتبعه من قوم موسى، ويكون آية لهم شاخصة و بدروعه الذهبية.
و الله أعلم.

قال الله تعالى: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ) ‎﴿الأعراف: ١٤٨﴾‏
(حُلِیِّهِمۡ) من الحلي وهو مايتزين به من الذهب، جمعهما حلي بالضم والكسر، فالكسر قياسٌ، والضم شاذٌ، الأصل حلويٌ على وزن فعولٍ، وأدغمت الواو في الياء بعد قلبها ياًء ويجوز "حِلي" بكسر الحاء إتباعًا [4]، قرأ يعقوب (حَلْيِِهم) بفتح الحاء وسكون اللام، بالمفرد ويكون المراد به الجنس. قال الله تعالى: (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ) ﴿الكهف: ٣١﴾‏ الأصل في الحلي الذهب، وقد تكون من غيره من النفائس.

(مِنْ حُلِيِّهِمْ) من لابتداء الغاية ومنه تكون الحلي فتنة وبداية الضلال لغاية ما عبدوا العجل قال الله تعالى: (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) ‎﴿طه: ٨٥﴾‏.
وتحتمل [من] أن تكون للتبعيض يكون المراد بقوله تعالى: (اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ) "صَيَّر" أي صيروا آية الله ليتزينوا بها وتوضع في أيديهم وأعناقهم كالأساور، خلافا لمراد الله، باعتبار الضمير في (حُلِیِّهِمۡ) يعود على أدرع فرعون، ورسبوا في اختبارهم بالحفاظ على آية الله لهم، واستعملت لغير مراد الله؛ والمعنى كل يكمل بعضه.
والله أعلم.

______________________
[1] المعجم التاريخي
[2] معجم الفروق اللغوية/ أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري /ت: ~ 395هـ/ ت: الشيخ بيت الله بيات، ومؤسسة النشر الإسلامي/ مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين "قم"/ ط: الأولى، 1412هـ/ 1؛92.
[3] معجم القراءات القرآنية مع مقدمة في القراءات وأشهر القراء/ أحمد مختار عمر، عبد العال سالم مكرم/جامعة الكويت /الطبعة الثانية 1408 هـ 1988م/3؛ 92-93.
[4] عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ/ أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم السمين الحلبي/ ت: 756 هـ/ت: محمد باسل عيون السود/ دار الكتب العلمية/ ط: الأولى، 1417 هـ - 1996 م/1؛449.



رد مع اقتباس