عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-21-2022, 04:40 PM
محمد عبد الوكيل محمد عبد الوكيل غير متواجد حالياً
عضو
 Saudi Arabia
 Male
 
تاريخ التسجيل: 13-02-2020
الدولة: أرض الله
المشاركات: 207
معدل تقييم المستوى: 5
محمد عبد الوكيل is on a distinguished road
افتراضي

قال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان:14]

وقال (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[الأحقاف:15]

جاء في تفسير ابن كثير:

(... وَقَوْلُهُ: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ أَيْ: تَرْبِيَتُهُ وَإِرْضَاعُهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي عَامَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٣٣] .
وَمِنْ هَاهُنَا اسْتَنْبَطَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ [الْأَحْقَافِ: ١٥] . ...)ا.هـ

وفي التحرير والتنوير لابن عاشور:

(والفِصالُ: اسْمٌ لِلْفِطامِ، فَهو فَصْلٌ عَنِ الرَّضاعَةِ. وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿فَإنْ أرادا فِصالًا﴾ [البقرة: ٢٣٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وذُكِرَ الفِصالُ في مَعْرِضِ تَعْلِيلِ أحَقِّيَّةِ الأُمِّ بِالبَرِّ، لِأنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الإرْضاعَ مِن قَبْلِ الفِصالِ، ولِلْإشارَةِ إلى ما تَتَحَمَّلُهُ الأُمُّ مِن كَدَرِ الشَّفَقَةِ عَلى الرَّضِيعِ حِينَ فِصالِهِ، وما تُشاهِدُهُ مِن حُزْنِهِ وألَمِهِ في مَبْدَأِ فِطامِهِ.
وذُكِرَ لِمُدَّةِ فِطامِهِ أقْصاها وهو عامانِ لِأنَّ ذَلِكَ أنْسَبُ بِالتَّرْقِيقِ عَلى الأُمِّ، وأُشِيرَ إلى أنَّهُ قَدْ يَكُونُ الفِطامُ قَبْلَ العامَيْنِ بِحَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ لِأنَّ الظَّرْفِيَّةَ تَصْدُقُ مَعَ اسْتِيعابِ المَظْرُوفِ جَمِيعَ الظَّرْفِ، ولِذَلِكَ فَمُوقِعُ (في) أبْلَغُ مِن مَوْقِعِ (مِن) التَّبْعِيضِيَّةِ في قَوْلِ سَبْرَةَ بْنِ عَمْرٍو الفَقْعَسِيِّ:

ونَشْرَبُ في أثْمانِها ونُقامِرُ

لِأنَّهُ يَصْدُقُ بِأنْ يَسْتَغْرِقَ الشَّرابُ والمُقامَرَةُ كامِلَ أثْمانِ إبِلِهِ. وقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وارْزُقُوهم فِيها واكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥] في سُورَةِ النِّساءِ، وقَدْ حَمَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، أوِ ابْنُ عَبّاسٍ عَلى هَذا المَعْنى فَأُخِذَ مِنهُ أنَّ أقَلَّ مُدَّةِ الحَمْلِ سِتَّةُ أشْهُرٍ جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الآيَةِ، وآيَةِ سُورَةِ الأحْقافِ كَما سَيَأْتِي هُنالِكَ.)ا.هـ

ومن مراجع لغوية:

فصل (لسان العرب)

(... والفِصال الفِطام؛ قال الله تعالى: وحَملُه وفِصالُه ثلاثون شهراً؛ المعنى ومَدى حَمْلِ المرأَة إِلى منتهى الوقت الذي يُفْصَل فيه الولد عن رَضاعها ثلاثون شهراً؛ وفَصَلت المرأَة ولدها أَي فطمَتْه.
وفَصَل المولودَ عن الرضاع يَفْصِله فَصْلاً وفِصالاً وافْتَصَلَه: فَطَمه، والاسم الفِصال، وقال اللحياني: فَصَلته أُمُّه، ولم يخص نوعاً.
وفي الحديث: لا رَضاع بعد فِصال، قال ابن الأَثير: أَي بعد أَن يُفْصَل الولد عن أُمِّه، وبه سمي الفَصِيل من أَولاد الإِبل، فَعِيل بمعنى مَفْعول، وأَكثر ما يطلق في الإِبل، قال: وقد يقال في البقر؛ ومنه حديث أَصحاب الغار: فاشتريت به فَصِيلاً من البقر، وفي رواية: فَصِيلةً، وهو ما فُصِل عن اللبن من أَولاد البقر.
والفَصِيل: ولد الناقة إِذا فُصِل عن أُمه ..)ا.هـ

فصل (مقاييس اللغة):

(الفاء والصاء واللام كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على تمييز الشَّيء. من الشَّيء وإبانته عنه. يقال: فَصَلْتُ الشَّيءَ فَصْلاً.
والفَيْصل الحاكم.
والفَصِيل: ولدُ النَّاقةِ إذا افتُصِلَ عن أُمِّه. ...)ا.هـ

الآيتان السابقتان خبر يقين من الخالق عز وجل عن الإنسان .. جاء فيهما:

- مدة الرضاعة تصل إلى عامين على أكثر تقدير.
- مدة الحمل والفصال تصل إلى ثلاثين شهرا.
- يبلغ الإنسان أشده في سن الأربعين.

في النصين القرآنيين قواعد خلقية تسري على الإنسان كمخلوق بغض النظر عن الفترة الزمنية التي عاش فيها وبغض النظر عن التناقص الخلقي الذي طرأ عليه مع مرور الأزمنة[1]، ويُسثتنى من هذه القواعد كل من استثناه نص؛ كآدم عليه السلام .. خُلق من طين ولم يُولد بعد حمل.

وعليه تسقط نظرية التناسب في مجتمع المعمرين .. على الأقل إلى غاية سن الأربعين، أي أن الإنسان آنذاك .. كانت أنثاه تحمل وترضع لنفس المدة التي تستغرقها الأنثى اليوم، وأنه كان أيضا يبلغ ذروة الشدة في سن الأربعين .. مهما عمّر من السنين بعدها.

وهنا نأتي إلى تساؤل آخر لابد من الإجابة عليه، لو فرضنا أن الإنسان المُعمّر يعيش ألف سنة .. يبلغ أشده في الأربعين ثم تأخذ بنيته الجسدية منحنى تنازلي إلى غاية موعد وفاته .. هل يشيخ بنفس الوتيرة التي يشيخ بها الإنسان في زماننا اليوم ؟

اليوم يصير الإنسان عجوزا في سن المائة (مثلا) .. فكيف كان حال الإنسان المُعمّر عندما يبلغ نفس السن ؟

أظن أن وتيرة التقدم في العمر آنذاك (بعد سن الأربعين) تختلف عن الوتيرة التي نشهدها اليوم .. ولو كانت بنفس الشدة لأنهك العجز جسد الإنسان قبل أن يبلغ ربع المدة التي أثبتها القرآن (1000 أو 950 سنة).

وفي صناعة النبي نوح عليه السلام للفلك إشارة ضمنية لذلك .. لأن الصناعة تستهلك جهدا .. والجهد يقتضي طاقة جسدية وعقلية.



____________

[1] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِراعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ علَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ المَلائِكَةِ، جُلُوسٌ، فاسْتَمِعْ ما يُحَيُّونَكَ؛ فإنَّها تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم، فقالوا: السَّلامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَزادُوهُ: ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حتَّى الآنَ.) الراوي : أبو هريرة|المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم : 6227



رد مع اقتباس