عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-17-2021, 07:07 PM
بهاء الدين شلبي بهاء الدين شلبي متواجد حالياً
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 56
المشاركات: 6,730
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي تلبس شياطين الجن بالكائنات الحية

بسم الله الرحمن الرحيم


لشياطين الجن القدرة على التلبس بالحيوانات، والحشرات، والهوام، والسيطرة عليها، كما لها القدرة على التلبس بالإنس، والشاهد:

جاءَت فأرَةٌ، فأخذَتْ تجرُّ الفَتِيلةَ، فجاءت بها فألقَتْهَا بين يدَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على الخُمْرَةِ التي كان قاعدًا عليها، فأحرقَت منها مثلَ موضِعِ دِرْهَمٍ، فقال: (إذا نِمتُم فأطفِئُوا سُرُجَكم؛ فإنَّ الشيطانَ يَدُلُّ مِثلَ هذِهِ على هذا فَتُحْرِقَكُم). [1]

جاءَت فَأْرَةٌ فأَخَذَتْ تَجُرُّ الفَتِيلةَ، فجاءت بها فأَلْقَتْها بين يدي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الخُمْرَةِ التي كان قاعدًا عليها، فأَحْرَقَتْ منها مثلَ موضعِ الدرهمِ، فقال: (إذا نِمْتُم فأَطْفِئُوا سِرَجَكم؛ فإن الشيطانَ يُدُلُّ مثلَ هذه على هذا فتُحْرِقَكم). [2]

فقدرة شياطين الجن على التحكم في الفأر، وتوجيهها لجر اللفتيل، وتسببها في إحراق البيوت، شاهد صريح على إمكان تلبسها بالكائنات الحية كما تتلبس بالبشر.

ويدخل في نفس الأمر عموم الكائنات الحية، من حيوانات، وحشرات، وطيور وأسماك، وكائنات دقيقة كالميكروبات والفيروسات. بل تتلبس بالنباتات والزروع، وهذا مما خبرناه بالتجربة، ولم نجد عليه نص بلفظ صريح إلى الآن.

وإن كانت الناس قديما اتخذت أصناما من الحجارة، والمعادن، ومن جذوع النخيل، والأشجار، فهذا يلزم منه أن شياطين الجن يمكنها التلبس بالحجر والخشب وهي من أصل نباتي، فكانت تكلم السدنة من خلالها. وهذا قول لا يتعارض مع ما ورد في خبر عن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا) [النساء: 117]، قال: مع كلِّ صَنَمٍ جِنِّيَّةٌ. [3]

وفي الدر المنثور للسيوطي: "وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الكَلْبِيِّ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ كانَ يَقْرَأُ هَذا الحَرْفَ: (إنْ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إلّا أُنْثا وإنْ يَدْعُونَ إلّا شَيْطانًا مَرِيدًا) قالَ: مَعَ كُلِّ صَنَمٍ شَيْطانَةٌ".

وقال الرازي في تفسيره: حدثنا علي بن الحسين، ثنا أبى حماد، ثنا مهران، عن سفيان في قوله: ﴿وإنْ يَدْعُونَ إلا شَيْطانًا﴾ قالَ: لَيْسَ مِن صَنَمٍ إلّا فِيهِ شَيْطانٌ.". [4] وهنا جاء اللفظ صريحا أن في كل صنم شيطانا كانوا يدعونه.

كما ذكر القرطبي في تفسيره: "وَكَانَ لِكُلِّ حَيٍّ صَنَمٌ يَعْبُدُونَهُ وَيَقُولُونَ: أُنْثَى بَنِي فُلَانٍ، قاله الْحَسَنُ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَتَى مَعَ كُلِّ صَنَمٍ شَيْطَانُهُ يَتَرَاءَى لِلسَّدَنَةِ وَالْكَهَنَةِ وَيُكَلِّمُهُمْ ...". [5]

أما ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالدَ بنَ الوليدِ إلى العُزّى يهدِمُها خرجتْ له امرأةٌ سوداءُ عُريانةٌ ناشرةٌ شعرَها فأقبل عليها خالدُ بنُ الوليدِ ضربًا بالسَّيفِ فجزلها باثنين وهو يقولُ: يا عُزُّ كُفرانَك لا سُبحانَك إني رأيتُ اللهَ قد أهانَك ثم رجع فأخبر النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: (نعم تلك العُزَّى وقد أَيِستْ أن تُعبدَ أبدًا).[6] فهو حديث ضعيف مرسل يلزمه بحث ودراسة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
[1] الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أبو داود | المصدر : سنن أبي داود | خلاصة حكم المحدث : سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]
التخريج : أخرجه أبو داود (5247) واللفظ له، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (1222)، والبزار (4779)
[2] الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه أبو داود (5247) واللفظ له، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (1222)، والبزار (4779)
[3] الراوي : أبو العالية الرياحي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
[4] تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج ٤ - الصفحة ١٠٦٨ | رقم: 5976
[5] تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٥ - الصفحة ٣٨٧
[6] قدِم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مكةَ يومَ الجمعةِ لعشرِ ليالٍ بقِين من شهرِ رمضانَ فبثَّ السَّرايا في كلِّ وجهٍ وأمرَهم أن يُغِيروا على من لم يكن على الإسلامِ فخرج هشامُ بنُ العاصِ في مئتينِ قبل يلَمْلمَ وخرج خالدُ بنُ سعيدِ بنِ العاصِ في ثلاثمائةٍ قِبَلَ عُرَنةَ وبعث خالدَ بنَ الوليدِ إلى العُزّى يهدِمُها فخرج خالدُ بنُ الوليدِ في ثلاثين فارسًا على العُزَّى حتى انتهى إليها فهدمها ثم رجع إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال له: (أَهَدَمْتَها؟) قال: نعم قال: (فهل رأيتَ شيئًا؟) قال: لا قال: قال: (فإنك لم تهدِمْها فارجع فاهدِمْها). فرجع إليها فخرجتْ له امرأةٌ سوداءُ عُريانةٌ ناشرةٌ شعرَها فأقبل عليها خالدُ بنُ الوليدِ ضربًا بالسَّيفِ فجزلها باثنين وهو يقولُ: يا عُزُّ كُفرانَك لا سُبحانَك إني رأيتُ اللهَ قد أهانَك ثم رجع فأخبر النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: (نعم تلك العُزَّى وقد أَيِستْ أن تُعبدَ أبدًا).
الراوي : سعيد بن عمرو الهذلي | المحدث : الزيلعي | المصدر : تخريج الكشاف الصفحة أو الرقم: 3/382 | خلاصة حكم المحدث : مرسل توضيح حكم المحدث: إسناده ضعيف

وهذه القصة رواها عدد من الحفاظ -رحمهم الله- منهم: البيهقي في السنن الكبرى (6/474) عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات، وهدم البيت الذي كان عليها. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره. فقال: (ارجع فإنك لم تصنع شيئا). فرجع خالد فلما أبصرت به السدنة وهم حجبتها أمعنوا في الجبل، وهم يقولون: يا عزى، فأتاها خالد فإذا هي امرأة عريانة، ناشرة شعرها، تحتفن التراب على رأسها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: (تلك العزى).

وأبو يعلى في مسنده (2/196) النسائي وأبو عوانة كما نقله السيوطي عنهما في الدر المنثور (7/652) والبيهقي في السنن الكبرى (6/474) ورواه الشيخ أبو عبد الله المقدسي في الأحاديث المختارة (8/219) وقال: إسناده صحيح بالمتابعة. ومعنى ذلك أن رواياته إما ضعيفة وإما حسنة، ولكنها بمجموع طرقها تكون صحيحة.





رد مع اقتباس