بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
منتـدى آخـر الزمـان  

العودة   منتـدى آخـر الزمـان > علامات الساعة > علامات الساعة الكبرى > الدابة

الدابة
مقارنة نبوءات آخر الزمان في الكتاب والسنة والفرق الإسلامية وما يجد من أحداث وفن وملاحم.

               
 
  #1  
قديم 12-17-2013, 09:27 AM
المدير
 Egypt
 Male
 
تاريخ التسجيل: 16-12-2013
الدولة: القاهرة
العمر: 57
المشاركات: 6,792
معدل تقييم المستوى: 10
بهاء الدين شلبي تم تعطيل التقييم
افتراضي التفرق في دلالة كلمة (دَابَّةً)

التفرق في دلالة كلمة (دَابَّةً):

تحتمل كلمة (دَابَّةً) عدة معاني مختلفة، فلا يصح حصر دلالتها في إحداها بدون قرينة ترجح معنى على الآخر. فالأصل أن لفظ الدابة مشترك، يشمل ما يعقل وما لا يعقل، ولا يحتمل إحدى الدلالتين إلا في وجود قرينة تخص أحداهما دون الأخرى. والقول أنها بهيمة عجماء ينطقها الله آية منه، هو تأويل ظني غير قطعي الدلالة، في ظل روايات مردودة، لا في ضوء دليل ثابت.

على سبيل المثال قال القرطبي في (التذكرة): ".. (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) أي دابة تعقل وتنطق، وذلك والله أعلم ليقع لهم العلم؛ بأنه آية من قبل الله تعالى ضرورة؛ فإن الدواب في العادة لا كلام لها ولا عقل".[1] ا. هـ

فلم ينكر أن الدابة تعقل وتنطق، ولكن على الاستثناء كآية من الله تعالى، لقوله (تُكَلِّمُهُمْ)، فحمل القرينة على "الإعجاز"، لا على "التخصيص"، فبدلا من أن يخرج الدابة من عموم الدواب، إلى خصوص الإنسان، جاء قوله متأثراً بمضمون النصوص المنكرة والضعيفة. فالنص على ظاهره يدل أنها (دَابَّةً)، أي إنسان[2] (تُكَلِّمُهُمْ)، باعتبار الكلام صفة تخص البشر، مما يخرج دلالة اللفظ من عموم الدواب، المميزة وغير المميزة، العاقل وغير العاقل، إلى خصوصية البشر.

قال البعض أن كلمة (دَابَّةً) "اسم جنس"، منهم القنوجي في (فتح البيان) قال: "وفي التعبير عنها باسم الجنس وتأكيد إبهامه بالتنوين التفخيمي من الدلالة على غرابة شأنها وخروج أوصافها عن طور البيان ما لا يخفى".[3] ا. هـ وبحسب قوله فهي "اسم جنس"، مفرد لإضافة تاء التأنيث، وتعريفه: "هو ما دل على الجنس متضمنا معنى الجمع، وله مفرد يزيد عنه بتاء التأنيث أو ياء النسبة. كـ شجر وشجرة، وثمر وثمرة، وتمر وتمرة، ورمان ورمانة، وتفاح وتفاحة، وكـ عرب وعربي، وترك وتركي، ويهود ويهودي".[4] ا. هـ وهذا لا يصح بحسب القاعدة، لأنه إن حذفت تاء التأنيث من (دَابَّةً)، كان جمعها (دابٌ)، وهذا لا يصح، لأن جمعها (دوابٌ)، كما تكرر في أربع مواضع من كتاب الله.[5]

مما حدا البعض إلى القول بأن الدابة ليست كائناً واحداً، إنما سيخرج عددا منها، لتنتشر في الأرض. ورد هذا أبي حيان في (البحر المحيط) فقال: "والظاهر أن الدابة التي تخرج هي واحدة، وروي أنه يخرج في كل بلد دابة مما هو مثبوت نوعها في الأرض، وليست واحدة فيكون قوله (دَابَّةً) اسم جنس".[6] ا. هـ

قال الألوسي في (روح المعاني): "وقد اختلفت الروايات فيها اختلافا كثيرا، فحكى أبو حيان في (البحر). والدميري في (حياة الحيوان) رواية أنه يخرج في كل بلد دابة مما هو مبثوث نوعها في الأرض فليست دابة واحدة، وعليه يراد بدابة الجنس الصادق بالمتعدد، وأكثر الروايات أنها دابة واحدة وهو الصحيح، فالتعبير عنها باسم الجنس وتأكيد إبهامه بالتنوين الدال على التفخيم من الدلالة على غرابة شأنها وخروج أوصافها عن طور البيان ما لا يخفى، وعلى كونها واحدة اختلف فيها أيضا ..".[7] ا. هـ

على ما تقدم؛ أول المفسرون الآية لتتوافق دلالتها مع مضمون مرويات مردودة، رغم مخالفة تأويلاتهم لظاهر النص القرآني، وتعارضها معه، مما حصر أقوالهم في معنى البهيمة، فتفرقوا في تعيينها مذاهب غاية في التناقض والتباين، فلا تستحق حصر نصوصها، تجنباً لإهدار الوقت والإطالة، ولكن سأورد نعوتهم لها مختصرة من باب حصر ما قالوا، وليس عن إقرار بأي مما قيل.

فروي أنها (زغباء ذات ريش ووبر). وروي أنها (ذات وبر وريش، مؤلفة فيها من كل لون، لها أربع قوائم). وروي أنها (ذات وبر تناغي السماء). وروي أن (لها وجه إنسان، ومنقار كمنقار الطير، ذات وبر وزغب). وروي أنها (ملمعة ذات وبر وريش). وروي أنها (دابة ذات وبر وقوائم). وروي أن (فيها من كل لون، ما بين قرنيها فرسخ للراكب). وروي أنها (رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن إيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا.). وروي أنها (تخرج من شعب بالأجياد، رأسها يمس السحاب، وما خرجت رجلاها من الأرض). وروي أنها (تخرج من شعب بالأجياد، رأسها يمس السحاب، وما خرجت رجلاها من الأرض). وروي (مالها ذنب وإن لها للحية). وروي أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه الدابة، فخرجت ثلاثة أيام ولياليهن تذهب في السماء، لا يرى واحد من طرفيها. وروي أنها (دابة مزغبة شعراء، ذات قوائم، طولها ستون ذراعا). وفي كتاب النقاش عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن الدابة الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة. وقيل أنها فصيل ناقة صالح. وقيل أنها الجساسة التي مع الدجال.[8]

الكاتب: بهاء الدين شلبي.


* * *

[1] القرطبي/ [كتاب التذكرة بأحوال الموتى]. صفحة: (1331).

[2] تعقيب: لا يقصد بكلمة إنسان أن الدابة رجل، بل يطلق على المذكر والمؤنث، يقول بن منظور "ويقال للمرأة أيضاً إنسان ولا يقال إنسانة". ا. هـ [لسان العرب]. صفحة: (309/ 7). ولكن حرف التاء في قوله: (دَابَّةً)، وقوله: (تُكَلِّمُهُمْ)، يفيد التأنيث، أي أن الدابة إنسان؛ امرأة، وليست رجل.

[3] القنوجي/ [فتح البيان]. صفحة: (71/ 10).

[4] د. النادري؛ محمد أسعد/ [نحو اللغة العربية]. صفحة: (277).

[5] تعقيب: ورد لفظ (الدواب) بالجمع في موضعين من كتاب الله، مقترنا بصفة تخص العاقل، أي الإنس والجن،[5] وتمييزهم عن غيرهم من سائر الدواب، إحداهما في قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) [الأنفال: 22]. فميزهم بالعقل من قوله: (يَعْقِلُونَ). والثانية في قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) [الأنفال: 55]. فميزهم بالإيمان والكفر، من قوله: (الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ).

وذكر لفظ الدواب في موضعين مقترنا بالناس، مما يخرج الناس في هذا الموضع من المعنى المراد بالدواب، الأول منهما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) [الحج: 18]. وهنا خص الناس بالذكر وفصلهم عن الدواب فقال: (وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ),

وقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر: 28]. فخص الله تعالى (النَّاسِ) بالذكر، فأخرجهم بقوله (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) من عموم (الدَّوَابِّ) ليميزهم عنهم بالعقل والعلم، ثم خص (الأَنْعَامِ) بالذكر ليخرجهم من عموم (الدَّوَابِّ) لحظوتها ونفعها عند الثقلين. فكما أن هؤلاء الأجناس تتباين ألوانهم وصفاتهم، فلا يستوي العاقل بالعجماوات، ولا تستوي (الأَنْعَامِ) المستأنسة، بغيرها من
(الدَّوَابِّ) المستوحشة، فكذلك لا يستوي العالم بالجاهل، لأن العلم سبب تهذيب النفس، ومناط خشية الله تعالى. خص لفظ (النَّاسِ) في هذا الموضع المكلفين، فشمل الإنس والجن، والشاهد قول بن منظور: "الناسُ: قد يكون من الإِنس ومن الجِنِّ وأصله أناس فخفف ولم يجعلوا الأَلف واللام فيه عوضاً من الهمزة المحذوفة، لأَنه لو كان كذلك لما اجتمع مع المعوَّض منه في قول الشاعر:إِنَّ المَنايا يَطَّلِعْـ ـنَ على الأُناسِ الآمِنينا والنَّوْس: تَذَبْذُبُ الشيء. ناسَ الشيءُ يَنوسُ نَوْساً ونَوَساناً: تحرك وتَذَبْذَبَ متَدَلِّياً". ا. هـ صفحة: (131/ التفرق دلالة كلمة (دَابَّةً). فالجن لا يدخلون في خصوصية لفظ (الدَّوَابِّ) هنا، فلا يستوي العاقل والمكلف بساقط التكليف من (الدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ).

قد يطلق لفظ الناس ويقصد به الإنس والجن، وقد يقترن بمخصص فيقتصر على الإنس فقط، مثل قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) [الكهف: 54]. فالقرآن هنا مخاطب به الجان والإنسان، (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ) أي للجن والإنس، ولكن في قوله (وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)، خص الإنسان دون الجن بأنهم أكثر جدلا. وكما في قوله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ) [الناس: 1؛ 3]، فالله هنا هو رب وملك وإله الناس، أي الإنس والجن، لكنه فصل بينهم بعد ذلك فقال: (مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ) [الناس: 6]. فلما خص (الْجِنَّةِ) بالذكر هنا، أخرجهم من بين (النَّاسِ)، لتقتصر دلالة اللفظ على الإنس فقط، وفي هذا التمييز بيانا لأوجه الاستعاذة بالله من شر الجن على وجه الخصوص، والناس على العموم.

"قال ابن جني: ويحكى أَن طائفة من الجن وافَوْا قوماً فاستأْذنوا عليهم فقال لهم الناس: من أَنتم؟ فقالوا: ناسٌ من الجنِّ، وذلك أَن المعهود في الكلام إِذا قيل للناس من أَنتم قالوا: ناس من بني فلان، فلما كثر ذلك استعملوه في الجن على المعهود من كلامهم مع الإِنس، والشيء يحمل على الشيء من وجه يجتمعان فيه وإِن تباينا من وجه آخر". ا. هـ ابن منظور/ [لسان العرب]. صفحة: (310/ 7).

[6] أبي حيان الأندلسي/ [البحر المحيط]. صفحة: (91/ 7).

[7] الألوسي/ [روح المعاني]. صفحة: (22/ 20).

[8]راجع: السيوطي/ [الدر المنثور]. القرطبي/ [الجامع لأحكام القرآن]. القاضي بن عطية الأندلسي/ [المحرر الوجيز]. والكلام مبسوط في كثير من الكتب التفسير.





موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
تابعونا عبر تويترتابعونا عبر فيس بوك تابعونا عبر وورد بريس


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO Designed & TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنتدى آخر الزمان©

تابعونا عبر تويتر